هذه الوسائل الثلاث مباشرة، ولكن هناك وسائل أخرى غير مباشرة والغاية منها شل الدولة المحاربة ماليا، بحيث لا تستطيع شراء شيء من الخارج نقدا أو وعدا، وهذه يمكن فرضها بلا مساعدة الحكومات على أيدي رجال المال والبنوك المركزية، وكثيرا ما تستعمل على قدر صغير لمضايقة الدولة أو الدول التي سياستها المالية مناقضة للعرف المالي في مراكز العالم المالية الكبرى، ولكن إذا وقعت حرب أو تهددت حرب، فلا غنى عن تأييد الحكومات في هذه الحال، وإذا كانت دولة لا تستطيع بيع بضائعها في الخارج فلا يمضي وقت قصير حتى تعجز عن الشراء. •••
ومن الطرق الفعالة غير المباشرة حظر التعامل في الأسواق المالية الكبرى بنقود الدولة المحاربة، فإذا منع الناس مثلا من شراء الماركات أو الكورونات أو الليرات لم يستطع أهل البلدان التي لها هذه النقود أن يستبدلوا بها نقود الدول التي اشتروا منها فيبطل الشراء لذلك. خذ بولونيا مثلا؛ فإنها إذا شاءت شراء ماكينات إنجليزية وجب أن تدفع ثمنها جنيهات، فإذا لم تستطع تحويل نقودها جنيهات فلا سبيل أمامها إلى دفع ثمن ما اشترته.
ومنها منع التعامل بسندات حكومة الدولة المحاربة أو حوالاتها المالية، فلا تجد في هذه الحالة تاجرا يستمر في تقديم البضائع إلى عميل لا يستطيع قطع تحاويله في السوق المالية.
ومنها منع الاعتمادات والقروض المالية عن الدولة المحاربة، وهذا غير لازم إذ لا يكاد أحد يجازف بإقراض حكومة أقدمت على حرب، ويكون غرضه استثمار ماله تجاريا. •••
وهناك وسيلة أخيرة؛ وهذه تتعلق بمنع نقل مواد الحرب إلى ساحة القتال، وفي الحالة الحاضرة هي إغلاق ترعة السويس؛ فتنقطع المئونة والذخيرة عن الجيش الإيطالي في شرق أفريقيا، ويتعذر نقلها إلا بالدوران حول أفريقيا.
وقد منعت إسبانيا من المرور في ترعة السويس مدة حربها مع أمريكا سنة 1898، ولكن هذه الطريقة أخطر العقوبات وأصعبها؛ فإن بريطانيا أكثر الدول امتلاكا لأسهم ترعة السويس، وهي مقيدة بفتحها في وجه كل دولة. ويمكنها التخلص من هذا القيد بعد موافقة سائر الدول الموقعة للمعاهدة، وهي: تركيا، وفرنسا، وألمانيا، والنمسا. ولا توافق إحداهن على ذلك مراعاة إيطاليا، وإذا أغلقت إنجلترا الترعة بلا موافقتهن كانت من ناقضي المعاهدات.
وأعتقد في الختام مع السير أوستن تشمبرلن أن لا فائدة من فرض العقوبات الاقتصادية إلا إذا دعمت بالقوة الحربية؛ فالعقوبات الناجعة هي الحرب نفسها. (3) بين بريطانيا وفرنسا بشأن الاعتداء في أواسط أوروبا
كانت الحكومة الفرنسوية قد أرسلت تسأل الحكومة البريطانية عن الخطة التي تنتهجها فيما إذا اعتدت دولة على أخرى في أواسط أوروبا، واشترطت الحكومة الفرنسوية لموافقتها على إنزال العقوبات بإيطاليا أن يكون جواب بريطانيا على سؤالها مرضيا لها؛ أي إن فرنسا أرادت أن تشترك مع إنجلترا في فرض العقوبات على إيطاليا مقابل تعهد إنجلترا بمساعدة فرنسا عند الاعتداء عليها. وهذا هو نص الجواب البريطاني:
نص الجواب
نشر في لندن في 29 سبتمبر 1935 صورة المذكرة التي سلمت إلى سفير فرنسا في لندن في 26 الجاري منه، بإمضاء السير صموئيل هور - وزير الخارجية البريطانية - وفيها نص الجواب. وهذه ترجمته:
Unknown page