تارة، إن حرصت بإثبات الفعل فقد وجد، فإذا لم يأت إلا النفي المحض كقوله: ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ فهذا نفي مطلق لا قرينة معه تدل على الإثبات، فيفرق بين مطلقها ومقيدها، هذه الأقوال الثلاثة للنحاة.
وقد وصف الله المنافقين بعدم الفقه في مثل قوله: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ ١ الآية لكن قوله: ﴿حديثا﴾ نكرة في سياق النفي، فيعم كما في قوله: ﴿لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ ٢ ومعلوم أنهم لا بد أن يفقهوا بعض الأقوال، وإلا فلا يعيش الإنسان بدون ذلك، فعلم أنهم يفقهون بعد أن كادوا لم يفقهوا. وكذلك في الرؤية، وهذا أظهر الأقوال وأشهرها، والمراد: هؤلاء لو فقهوا القرآن لعلموا أنك ما أمرتهم إلا بخير، ولا نهيتهم إلا عن شر، وأن المصيبة لم تكن بسببك بل بذنوبهم. وأما رواية كروم ٣ عن يعقوب: ﴿فمن نفسك﴾ فمعناها يناقض القراءة المتواترة، فلا يعتمد عليها، ومعنى الآية قوله "يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم" ٤ إلخ. ومعنى الآية متناول لكل من نسب ما أصابه من المصيبة إلى ما أمر الله به ورسوله كائنا من كان.
(١٢١) كل من استفرغ وسعه استحق الثواب،
وكذلك الكفار من بلغته دعوة النبي ﷺ فآمن به وبما أنزل عليه، واتقى الله ما استطاع، كما فعل النجاشي وغيره، ولم تمكنه الهجرة، ولا التزام جميع الشرائع لكونه ممنوعا من الهجرة، ومن إظهار دينه، وليس عنده