287

Masail Harb

مسائل حرب بن إسماعيل الكرماني (الطهارة والصلاة)

Investigator

محمد بن عبد الله السّرَيِّع

Publisher

مؤسسة الريان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م

Publisher Location

بيروت

Genres

Law
• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «غَلَّظَ رسول الله ﷺ على واطئ الحائض، فقال: «من أتى حائضًا فقد كَفَر»، ويمكن في هذا القول معنيان:
* فأحد المعنيين: على استِحلال وَطئه إياها في حَيضَتها، فإن كان مَعنَى قَوله على ذلك؛ فقد اجتَمَع أهل العِلم على تَكفير هذا.
* ويُمكِن فيه مَعنى آخَر: إن أرادَهُ (١) النبي ﷺ في ذلك لِمَن تَهاوَنَ بها -وإن رَآه حرامًا-.
فأما الذي يُستَيقَن به؛ فالمعنى الأول، ويُخشَى المعنى الآخر؛ فإذا فَعَلَه على التَّهاوُن والاستِخفاف؛ فقد ارتكَبَ الحرام، واجتَرَأ على الله؛ ولا نَجتَرئ على تكفيره؛ لِمَا بَيَّنَّا أن لِقَول النبي ﷺ مَعاني.
ومما يَدُلُّ على ألَّا يكون المتهاوِن بها كافًرا: ما أَمَرَ النبي ﷺ بالكَفَّارَة لمن وَطِئها حائضًا؛ ففي هذا ما يُستَدَلُّ أنه لو ألزَمَه الكُفرَ في إتيانها وهو يَرَى ذلك حَرامًا؛ لم يَأمُره بالكَفَّارَة -أيضًا-.
وأما ما قال هؤلاء: أَن لا كَفَّارَةَ على الذي يَأتي امرَأَته حائضًا؛ فهو خَطَأ؛ لِمَا سَنَّ النبي ﷺ في ذلك، وفيما بَيَّن النبي ﷺ في ذلك ما يَنبَغي لأهل العِلم أن يرغبوا في ذلك؛ لأن الكَفَّارَة للذُّنوب أَهوَن من الذُّنوب التي لا كَفَّارَة لها، ولو لم يُقضَ في ذلك سُنَّة؛ لكان يَلزَم العالِم أن يَحتاط، فيَأمُر صاحبها بِصَدَقَة؛ فيَتَقَرَّب إلى الله ليكون ذلك كَفَّارَةً له، فكيف وهو يَرُدُّ ما جاء عن النبي ﷺ، وأَخَذَ بذلك أهل ⦗٣٤٣⦘ العِلم، فأما من لم يَرَ ذلك من التابِعين؛ فقد أَقَرُّوا: أنَّا لم نَعلَم في ذلك كَفَّارَة، وإنما الحُجَّة على من يَعلَم، مع أنهم لَو لم يَقولوا: لم نَعلَم في ذلك كَفَّارَة؛ لَكَان الظَّنُّ بهم ذلك؛ لأنهم إذا سَمِعوا اتَّبَعوا، والعَجَبُ لمن يَرَى مُزاحَمَة التابِعين في الكَلام؛ يقول: إذا قالوا ولم أَرَ قَولَهم فَلي خِلافُهم، ثم يَحتَجُّ بهم عند ذِكر الرسول ﷺ».

(١) كذا ضبطها الناسخ، ويحتمل فيها: "أنَّ إرادَة".

1 / 342