Masail Harb
مسائل حرب بن إسماعيل الكرماني (الطهارة والصلاة)
Investigator
محمد بن عبد الله السّرَيِّع
Publisher
مؤسسة الريان
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
Publisher Location
بيروت
Genres
Jurisprudence
• قال أبو يَعقوب: «فقد تَبيَّن في قول ابن سيرين -حَيثُ يقول: «النِّساء أَعلَم بذلك» - أنها تَعرِف خِلقَتها وطَبيعَتها، وفيما وَصَفنا من قول النبي ﷺ للنِّسوَة اللاتي استُحِضن على عَهده، فأفتى كل واحِدَةٍ بِفُتيا خِلافَ ما أفتَى الأُخرَى - أن الحَيض من النِّساء في ذلك مُختَلِف، ولم يَحجر عَلَيهنَّ أن يَلزَمنَ وَقتًا واحِدًا يكون ذلك آخِر حَيضهن -كما فَعَلَ هؤلاء-.
ولو كان للحَيض أَوَّلٌ وآخِر -كما قال هؤلاء: «الثلاث أَقَلُّه والعَشر أَكثَره-؛ لَبَيَّن النبي ﷺ ذلك لِبَعضِهنّ، ولم يَعُم عَلَيهنّ.
ويَعلَم الناس كلهم أن العَدَدَ أَهوَن عَلَيهنَّ في الإحصَاء مِن أنْ يُكَلَّفنَ إقبال الحَيضَة وإدبارَها، فكيف يَستَوسِع عالِمٌ أن يُوَقِّت لَها، والنبي ﷺ جَعَل ذلك إلَيهنَّ مِن غَير وَقت، فقال لَهنّ: «إذا أَقبَلَت الحَيضة»، و: «إذا أَدبَرَت»، فلَو لم يكُن الإقبال والإدبار مَعقولًا عِندَهنّ؛ ما كَلَّفَهنَّ النبي ﷺ، ولَقال لَهنّ -لو كان الوَقت يَجوز في ذلك كما وَقَّتَ هؤلاء-: اجلِسنَ كذا وكذا يَومًا، لا تَزِدن على ذلك.
وهل سَمِعتم أن إحداهنَّ رَدَّت على النبي ﷺ ما سَمِعَت مِنه بأني لا أَعقِل ما وَصَفتَ لي؟! ففي ذلك بَيانُ أن النبي ﷺ خاطَبَهنَّ بما عَقَلنَ وفَهِمن.
وفيما قال على المستَحاضَة بَيانُ نَفي العدد؛ حَيثُ قال: «فإذا رَأَت الدم العَبيط الذي لا خَفاء به»؛ علم أن ذلك مَعقولٌ عند النِّساء، ألا ترى إلى ما قال الأوزاعي: «إن إقبال الحَيضة سَواد الدم ونَتَنُه وتَغَيُّره، لا يَدوم بالمرأة ذلك، لو دام بها لَقَتَلَها»، ⦗٢٩٥⦘ فقد فَسَّرَ الأوزاعي الإقبال والإدبار، مع أن مالك بن أنس فَسَّرَ الإقبال بِظُهور الدم -ولو كان ذلك قَدر قَطرَةٍ واحِدَة-؛ رَآه حَيضًا، حتى إنه لو دَفَعت دَفعَةً واحِدَةً دَمًا عَبيطًا في رمضان؛ كَفَّت عن الصِّيام وتَرَكَت الصَّلاة، والإدبار فَسره الطُّهر؛ يقول: كُلَّما رَأَت دَمًا تَرَكَت الصَّلاة، وإذا رَأَت طُهرًا صَلَّت.
1 / 294