ووجه المنع من ذلك أن الجموع تنتظم أشخاص آحاد نحو "الشياطين" و"الكابر" و"التؤام" التي تضم أشخاصًا كل واحد منها "شيطان" و"كبير"، ولا يجوز أن تضم ما ليس بـ"شيطان" ولا "كبير". فكذلك "الأُناس" لو كان جمعًا لـ"إنسان" لم يضم غير الإنسان، ففي ضمه الرجل والمرأة مع الجن فيما رويت واستدللت عليه، دلالةٌ على أنه لا يكون جمعًا لـ"إنسان" كما أن اللفظ المصوغ على لفظ الإفراد لما ضم أشخاصًا أكثر من الجمع المكسر على لفظه لم يجز أن يكون اللفظ المكسر على لفظه جمعًا له، وذلك قولهم "الأعراب" و"العرب"، فلم يجعلوا "العرب" واحدًا لـ"الأعراب، ولا "الأعراب" جمعًا له وإن كان "عرب" من لفظ "أعراب"، وباب "فعلٍ" أن يجمع على "أفعالٍ" نحو "جبل وأجبال" و"طلل وأطلال" ونحو ذلك. فكما أن "أعرابًا" ليس بجمع "عرب" وإن كان من لفظ، وعلى ما يجوز في القياس أن يكسر على "أفعال"؛ لأن "عربًا" تضم وتعم ما تضمه "الأعراب" وغيرهم، بدلالة وقوع قولنا "عرب" على الحاضرة والبادية، ووقوع الأعراب على البادية دون الحاضرة، لم يجز أن يكون "أعراب" جمعًا له، فمن ثم قالوا في النسب إلى "الأعراب": "أعرابي"، ولم يردوه إلى واحد هذا التكسير كما ورد "أفعال" إلى "فعلٍ" في قولهم في الإضافة إلى "أبناء فارس": "بنوي"، ومن قال من العرب في ذلك "أبناوي"، ولم يرده إلى الواحد، فإنما ذلك لأنه جعله اسمًا لهذا القبيل، كما قالونا "أنصاري" حين صار اسمًا لهم، فجعلوه بمنزلة "أنماري" و"كلابي" و"معافري" ونحو ذلك من أسماء الجموع التي سميت بها الآحاد، فكما لم يجعلوا "أعرابًا" جمع "عرب" بالدلالة التي ذكرت، حيث كان الواحد يشمل أشخاصًا أكثر مما يشمله الجمع، كذلك لا يكون "أناس" جمع "إنسان" لضم الجمع