Marwiyyāt ghazwat al-Ḥudaybiyya jamaʿ wa-takhrīj wa-dirāsa
مرويات غزوة الحديبية جمع وتخريج ودراسة
Publisher
مطابع الجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
Edition
١٤٠٦هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
فلعل ما حصل هو سبق نظر من الهيثمي١ ﵀، أو أنه أخذه عن نسخة أخرى قد انقلب السند فيها.
فالحاصل: أن حكم الهيثمي على سند البزار إنما هو على السند المقلوب لا السند الأصلي، الذي فيه مبارك بن فضالة، والله أعلم.
١ وقد تابعه على ذلك ابن حجر، انظر: زوائد مسند البزار، لوحة: ٢٠٢.
المبحث الخامس: موقف المسلمين من صلح الحديبية
المطلب الأول: وفاء المسلمين بالعهد
...
المطلب الأول: وفاء المسلمين بالعهد:
لقد تألم المسلمون كثيرًا ووجدوا في أنفسهم من بعض الشروط التي أملتها قريش، وجدوا في أنفسهم أنهم رأوا أن الرضا بها يعبر عن الضعف والاستكانة أمام الكفار بل صرح عمر ﵁ بذلك حين قال: "فعلام نعطي الدنية في ديننا إذن"١.
لكن رسول الله ﷺ قد رضي تلك الشروط ووقّع العقد مع قريش عليها، وصرح بأنه إنما يفعل ذلك بأمر الله٢، فليس أمام المسلمين إلا التسليم والرضا بما رضيه رسول الله ﷺ ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ ٣.
ولقد سلموا لأمر الله ورسوله تسليمًا يصاحبه الإيمان بأن الخير فيما اختاره الله، وقد ترجموا ذلك بأفعالهم، فقد رأينا في قصة أبي جندل٤ مع أبيه كيف ابتزه من بين ظهرانيهم وهو يستغيث فلا يستجاب له، وهذا أبو بصير يلحق بهم في المدينة ثم تسترجعه قريش من ثم ... فقد جاء في حديث المسور ومروان من طريق معمر ما نصه: "ثم رجع النبي ﷺ إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلوا من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا، فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد لقد
١ من حديث المسور ومروان.
٢ صرح بذلك في جوابه لعمر ص:
٣ سورة الأحزاب الآية: ٣٦.
٤ تقدمت قصته في المبحث السابق.
1 / 179