وراقبناه عقب انصراف المدرسة فرأيناه وهو يتبعها في طريقها حتى مشارف باب الشعرية. وكنا يوما نقرأ بالتبادل في مجدولين فلاحظت تهدج صوته حتى كف عن القراءة من شدة التأثر. وشعر بعيني فوق جفنيه المسدلين فتمتم: رأيتكم وأنتم تتبعوني!
ثم بمزيد من التأثر: أنا أحب مثل ستيفن وأكثر!
ووجد مني مشاركة وجدانية إذ كنت عاشقا مثله فقال: سأحبها مهما يكن الثمن!
فقلت له بعطف: ولكنها مدرسة وما زلت تلميذا صغيرا.
فقال بإصرار: الحب أقوى من كل شيء.
وقال: إني أحاول محادثتها ولكنها تتجاهلني، يقال إن ذلك أسلوب من الدلال، ما رأيك؟ - لا أدري. - كيف أعرف إن كانت تحبني أو لا تحبني؟ - لا أدري. - هل نسأل جعفر خليل وبدر الزيادي؟
فقلت محذرا: كلا .. إنهما يحبان المزاح وسيجعلان منك نادرة!
واستمرت مطاردته اليومية للمدرسة بلا نتيجة، وأخذت ثقته بنفسه تضعف ويغلبه الحزن. وشهدنا عصر يوم منظرا ليس من السهل أن يمحى من الذاكرة. رأيناه يعترض سبيل المدرسة بجرأة ويقول لها: من فضلك.
فمالت عنه ناحية وسارت في طريقها فتبعها وهو يقول: لا بد من كلمة.
فهتفت به غاضبة: لا يمكن أن أحتملك إلى الأبد.
Unknown page