فقاطعتي قائلة: فكر في إعداد مكان آمن نلتقي فيه في القاهرة!
فقلت بحماس ظاهري: اتفقنا. - ولا تسئ بي الظن! - وكيف ولم؟ - لعلك تتساءل عما وراء امرأة لبت لك أول إشارة؟
وكان ذلك ما يبدو ببالي ولكنني قلت: لم أكن دونك استجابة وكنت البادئ!
فقالت برقة: من حقنا أن ننعم ببركة الصراحة.
تأملت كل شيء بوعي شأن من لم يقع تحت سيطرة مجنونة، وقلت لنفسي إني أعجب بهذه المرأة وأرغب فيها ولكنني لن أحبها، وتهيأ لنا المكان في طريق سقارة، وتخيلت خلوة حمراء مشتعلة، ولكن ما إن أغلقت الباب وراءنا حتى وجدتني بحضرة امرأة جديدة، جلست مسترخية على كنبة، حتى التلفيعة الحريرية لم تنزعها من حول عنقها، تبدت هادئة مستسلمة تطالعني بعينين ملؤهما الحنان، ورحت أداعب أطرافها وألثم فاها فتبادلني عواطفي بابتسامة محبة قانعة، ولما قدمت لها كأسا اعتذرت فلما دعوتها إلى الفراش همست في أذني: ليتنا نمضي وقتنا في سعادة بريئة هادئة.
فقلت محتجا: لا أصدق.
فنهضت وهي تقول: ولكن لا تعتبره غاية في ذاته.
وبالرغم من أن التلاقي كان جذابا إلا أني آمنت بأنه كان من الممكن لها حقا أن تمضي الوقت في سعادة بريئة هادئة. ثمة تناقض كبير بين المرأة اليسيرة المستجيبة لدى أول إشارة، وبين هذه المرأة الرقيقة الزاهدة، وقلت لها: أنت شخصية غريبة! - حقا! .. لم؟
ولما تلكأت في الإجابة سألتني: هل تجد صحبتي عزيزة محببة؟ - بكل جدارة. - هذا ما يهمني حقا.
وتتابعت اللقاءات أسبوعيا، بلا حب حقيقي من ناحيتي، وبلا دافع يبرر الخيانة من ناحيتها، ولما رفعت الكلفة بيننا قلت: أعترف لك بأنني - في كازينو المنتزه - توهمت أنك امرأة لعوب!
Unknown page