292

Marāḥ Labīd li-kashf maʿnā al-Qurʾān al-majīd

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

Editor

محمد أمين الصناوي

Publisher

دار الكتب العلمية - بيروت

Edition Number

الأولى - 1417 هـ

Genres

Tafsīr

استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» «1» ولما اشتد غضب الرسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر وقال:

رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، نعوذ بالله من الفتن. أنا حديث عهد بجاهلية فاعف عنا يا رسول الله، فسكن غضبه صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية

وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم أي وإن تسألوا عن أشياء مست حاجتكم إلى التفسير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ينزل جبريل بالقرآن ويظهرها حينئذ، فالسؤال عن قسمين سؤال عن شيء لم يجرد ذكره في الكتاب والسنة بوجه من الوجوه فهذا السؤال منهي عنه بقوله تعالى: لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وسؤال عن شيء نزل به القرآن لكن السامع لم يفهمه كما ينبغي. فههنا السؤال واجب وهو المراد بقوله تعالى: وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم فالضمير في عنها يرجع إلى أشياء أخر كقوله تعالى: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين [المؤمنون: 12، 13] فالمراد بالإنسان آدم عليه السلام، والمراد بالضمير ابن آدم، لأن آدم لم يجعل نطفة في قرار مكين عفا الله عنها أي أمسك الله عن أشياء أي عن ذكرها ولم يكلف فيها بشيء وهذا

كقوله صلى الله عليه وسلم: «عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق»

«2» أي خففت عنكم بإسقاطها أو المعنى عفا الله عما سلف من مسائلكم التي تغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعودوا لمثلها والله غفور لمن تاب حليم (101) عن جهلكم قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين (102) أي قد سأل أشياء قوم من قبلكم ثم صاروا كافرين بها فإن قوم صالح سألوا الناقة ثم عقروها. وقوم موسى قالوا: أرنا الله جهرة فصار ذلك وبالا عليهم. وبني إسرائيل قالوا لنبي لهم: ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ثم كفروا. وقوم عيسى سألوا المائدة ثم كفروا بها.

والمعنى أن قوم محمد صلى الله عليه وسلم في السؤال عن أحوال الأشياء مشابهون لأولئك المتقدمين في سؤال ذوات تلك الأشياء في كون كل واحد من السؤالين فضولا وخوضا فيما لا فائدة فيه، فإن المتقدمين إنما سألوا من الله إخراج الناقة من الصخرة وإنزال المائدة من السماء فهم سألوا نفس الشيء، وأما أصحاب محمد فهم سألوا عن صفات الأشياء فلما اختلف السؤالان في النوع اختلفت العبارة لكن يشتركان في وصف واحد وهو خوض في الفضول وشروع فيما لا حاجة إليه وفي ذلك خطر المفسدة ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام أي ما أمر الله بذلك فالبحيرة هي الناقة التي تنتج خمسة أبطن في آخرها ذكر فتشق أذنها ولا تذبح ولا تركب، ولا

Page 297