Marāḥ Labīd li-kashf maʿnā al-Qurʾān al-majīd
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Editor
محمد أمين الصناوي
Publisher
دار الكتب العلمية - بيروت
Edition Number
الأولى - 1417 هـ
Genres
كان ينزل على عيسى عليه السلام يقولون ربنا آمنا بما سمعنا مما أنزل على رسولك وشهدنا أنه حق فاكتبنا مع الشاهدين (83) أي فاجعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا فلما لامهم قومهم بالإسلام فقالوا تحقيقا لإيمانهم وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين (84) من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجملة قوله تعالى: لا نؤمن حال من الضمير في «لنا» وجملة «لا نطمع» حال ثانية منه بتقدير مبتدأ. أي أي شيء حصل لنا غير مؤمنين بالله وبما جاءنا من القرآن والرسول ونحن نطمع في صحبة الصالحين ويجوز أن يكون قوله: ونطمع حالا من الضمير في لا نؤمن على معنى أنهم أنكروا على أنفسهم عدم إيمانهم مع أنهم يطمعون في صحبة المؤمنين فأثابهم الله بما قالوا أي جعل الله ثوابهم على قولهم: ربنا آمنا مع إخلاص النية ومعرفة الحق، أو بسبب ما سألوا بقولهم: فاكتبنا مع الشاهدين كما رواه عطاء عن ابن عباس.
وقرئ فآتاهم الله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك أي الجنات جزاء المحسنين (85) بالإيمان. أو المعنى جزاء الذين اعتادوا الإحسان في الأمور.
روي أن هذه الآيات الأربع نزلت في النجاشي وأصحابه والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم (86) أي ملازمون لها لا ينفكون عنها دون غيرهم من عصاة المؤمنين وإن كثرت كبائرهم يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم أي لا تعتقدوا تحريم ما أحل الله لكم، ولا تظهروا باللسان تحريمه، ولا تجتنبوا الطيبات اجتنابا شبيه الاجتناب من المحرمات، ولا تلتزموا تحريم الطيبات بنذر أو يمين ولا تعتدوا أي لا تسرفوا في تناول الطيبات ولا تتجاوزوا أمر الله بقطع المذاكير إن الله لا يحب المعتدين (87) من الحلال إلى الحرام كالمثلة فمن اعتقد تحريم شيء أحله الله فقد كفر، أما ترك لذات الدنيا والتفرغ لعبادة الله تعالى من غير إضرار بالنفس ولا تفويت حق الغير ففضيلة مأمور بها. نزلت هذه الآية في عشرة نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو بكر الصديق، وعمر وعلي وعبد الله بن مسعود، وعثمان بن مظعون الجمحي، ومقداد بن الأسود الكندي، وسالم مولى أبي حذيفة، وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر وذلك لما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لأصحابه يوما فبالغ الكلام في الإنذار فبكوا واجتمع هؤلاء العشرة في بيت عثمان بن مظعون وتشاوروا واتفقوا على عزمهم أن يرفضوا الدنيا ويحرموا على أنفسهم المطاعم الطيبة والمشارب اللذيذة، وأن يصوموا النهار ويقوموا الليل، وأن لا يناموا على الفرش ويخصوا أنفسهم ويلبسوا المسوح، ويسيحوا في الأرض، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لهم: «إني لم أومر بذلك» ثم قال صلى الله عليه وسلم: «إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا، وقوموا وناموا فإني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وآكل اللحم
Page 290