266

Marāḥ Labīd li-kashf maʿnā al-Qurʾān al-majīd

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

Investigator

محمد أمين الصناوي

Publisher

دار الكتب العلمية - بيروت

Edition Number

الأولى - 1417 هـ

Genres

Tafsīr

من الناس بل كانوا خائفين مني ومن عقابي في كتمان الأحكام ونعوت محمد صلى الله عليه وسلم ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا أي ولا تستبدلوا بآياتي التي في التوراة عرضا قليلا من الدنيا أي كما نهيتكم عن تغيير أحكامي لأجل الخوف فكذلك أنهاكم عن التغيير والتبديل لأجل الطمع في المال والجاه وأخذ الرشوة فإن كل متاع الدنيا قليل ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (44) .

قال ابن عباس: ومن لم يبين ما بين الله في التوراة من نعت محمد وآية الرجم فأولئك هم الكافرون بالله والرسول والكتاب. وقال عكرمة: أي ومن لم يحكم بما أنزل الله منكرا له بقلبه وجاحدا له بلسانه فقد كفر، أما من عرف بقلبه كونه حكم الله وأقر بلسانه ذلك إلا أنه حكم بضده فهو ظالم فاسق لتركه حكم الله تعالى وكتبنا عليهم فيها أي فرضنا على نبي إسرائيل في التوراة أن النفس مقتولة بالنفس والعين مفقوءة بالعين والأنف مجدوع بالأنف والأذن مقطوعة بالأذن والسن مقلوعة بالسن والجروح قصاص أي ذات قصاص إذا كانت بحيث تعرف المساواة كالشفتين، والذكر والأنثيين، والقدمين واليدين. فأما ما لا يمكن القصاص فيه من رض في لحم أو كسر في عظم، أو جراحة في بطن يخاف منها التلف ففيه أرش وحكومة.

قرأ الكسائي «العين والأنف والأذن والسن والجروح» كلها بالرفع. وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو بنصب الكل غير «الجروح» فإنه بالرفع. وقرأ نافع وعاصم وحمزة بنصب الكل وخبر الجميع قصاص فمن تصدق به أي بالقصاص من المستحقين فهو أي التصدق كفارة له أي للمتصدق. يكفر الله تعالى بها ذنوبه أي إذا عفا المجروح أو ولي المقتول كان ذلك العفو كفارة للعافي كما

قال صلى الله عليه وسلم: «أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من بيته تصدق بعرضه على الناس»

«1» .

وروى عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تصدق من جسده بشيء كفر الله تعالى عنه بقدره من ذنوبه»

. وقيل: إن المجني عليه إذا عفا عن الجاني صار ذلك العفو كفارة للجاني وسقط عنه ما لزمه فلا يؤاخذه الله تعالى بعد ذلك العفو، وأما المجني عليه الذي عفا فأجره على الله تعالى، ثم القاتل يتعلق به ثلاثة حقوق: حق لله تعالى، وحق للمقتول، وحق للولي فإذا سلم القاتل نفسه طوعا واختيارا إلى الولي ندما على ما فعل خوفا من الله تعالى وتوبة نصوحا، سقط حق الله تعالى بالتوبة وحق الأولياء بالاستيفاء أو الصلح أو العفو وبقي حق للمقتول يعوضه الله عنه

Page 271