191

Marah Labid

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

Investigator

محمد أمين الصناوي

Publisher

دار الكتب العلمية - بيروت

Edition Number

الأولى - 1417 هـ

Genres

Tafsīr

واللاتي تخافون نشوزهن أي والنساء اللاتي تظنون عصيانهن لكم فعظوهن أي فانصحوهن بالترغيب والترهيب واهجروهن في المضاجع أي حولوا عنهن وجوهكم في المراقد فلا تدخلوهن تحت اللحاف إن علمتم النشوز ولم تنفعهن النصيحة واضربوهن إن لم ينجع الهجران ضربا غير مبرح ولا شائن، والأولى ترك الضرب، فإن ضرب فالواجب أن يكون الضرب بحيث لا يكون مفضيا إلى الهلاك بأن يكون مفرقا على البدن بأن لا يكون في موضع واحد وأن لا يوالي به وأن يتقي الوجه وأن يكون بمنديل ملفوف فإن أطعنكم أي رجعن عن النشوز إلى الطاعة عند هذا التأديب فلا تبغوا عليهن سبيلا أي فلا تطلبوا عليهن طريقا في الحب ولا في الأذية، واكتفوا بظاهر حال المرأة ولا تفتشوا عما في قلبها من الحب والبغض.

إن الله كان عليا كبيرا (34) أي إن الله تعالى مع علوه وكبريائه لا يكلفكم ما لا تطيقون فكذلك لا تكلفوهن ما لا طاقة لهن من المحبة. وإنه تعالى مع ذلك يتجاوز عن سيئاتكم فأنتم أحق بالعفو عن أزواجكم عند إطاعتهن لكم وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها أي وإن علمتم أيها المؤمنون مخالفة بين الرجل والمرأة ولم تدروا من أيهما فابعثوا إلى الزوجين لإصلاح الحال بينهما حكما، أي رجلا وسطا صالحا للإصلاح من أهله- أي الزوج- وحكما آخر على صفة الأول من أهلها لأن أقاربهما أعرف بحالهما من الأجانب وأشد طلبا للإصلاح. فإن كانا أجنبيين جاز فيستكشف كل واحد منهما حقيقة حال الزوجين، ثم يجتمع الحكمان فيفعلان ما هو الصواب من جمعهما أو إيقاع طلاق أو خلع. إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما.

فالضمير الأول: إما عائد على الحكمين أو الزوجين. والضمير الثاني: كذلك فالوجوه أربعة. والمعنى إن كانت نية الحكمين قطعا للخصومة أوقع الله الموافقة بين الزوجين إن الله كان عليما بموافقة الحكمين ومخالفتهما خبيرا (35) بفعل المرأة والرجل. قال ابن عباس:

نزلت الآية من قوله تعالى: الرجال قوامون على النساء [النساء: 34] إلى هاهنا في شأن بنت محمد بن سلمة بلطمة لطمها زوجها سعد بن الربيع لعصيانها في المضاجع فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم قصاصها من زوجها فنهاها الله عن ذلك. واعبدوا الله أي بقلوبكم وجوارحكم ولا تشركوا به شيئا أي شركا جليا أو خفيا وهذا أمر بالإخلاص في العبادة وبالوالدين إحسانا أي أحسنوا بهما إحسانا بالقيام بخدمتهما وبالسعي في تحصيل مطالبهما والإنفاق عليهما وبعدم رفع الصوت عليهما وعدم تخشين الكلام معهما، وعدم شهر السلاح عليهما، وعدم قتلهما ولو كانا كافرين لأنه صلى الله عليه وسلم نهى حنظلة عن قتل أبيه- أبي عامر الراهب- وكان مشركا.

وعن أبي سعيد الخدري أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن استأذنه في الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم: «هل لك أحد باليمن» ؟ فقال: أبواي. فقال: «أبواك أذنا لك» ؟ فقال: لا. فقال: «فارجع فاستأذنهما فإن أذنا

Page 196