والله خير الماكرين ، فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ، ونالت أيديكم من أموالنا ، فإن ما أصابنا من المصائب الجليلة ، والرزايا العظيمة في كتاب من قبل أن نبرأها ، إن ذلك على الله يسير ؛ لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ، والله لا يحب كل مختال فخور.
تبا لكم فانظروا اللعنة والعذاب ، فكأن قد حل بكم وتواترت من السماء نقمات ، فيسحتكم بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ، ثم تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة ؛ بما ظلمتمونا ، ألا لعنة الله على الظالمين.
ويلكم! أتدرون أية يد طاعنتنا منكم؟ وأية نفس نزعت إلى قتالنا؟ أم بأية رجل مشيتم إلينا؟ تبغون محاربتنا ، قست قلوبكم وغلظت أكبادكم وطبع الله على أفئدتكم ، وختم على سمعكم وبصركم وسول لكم الشيطان وأملى لكم ، وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون.
تبا لكم يا أهل الكوفة ، أي ترات لرسول الله قبلكم ، وذحول له لديكم؟ بما عندتم بأخيه على بن أبي الطالب جدي وبنيه وعترته الطيبين الأخيار ، وافتخر بذلك مفتخركم.
نحن قتلنا عليا وبني علي
بسيوف هندية ورماح
بفيك أيها القائل الكثكث والأثلب (1) افتخرت بقتل قوم زكاهم الله وطهرهم وأذهب عنهم الرجس فأكضم وأقع كما أقعى أبوك فإنما لكل امرىء ما اكتسب وما قدمت يداه.
حسدتمونا ويلا لكم على ما فضلنا الله تعالى ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم. ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
فارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب وقالوا : حسبك يا ابنة الطاهرين فقد حرقت قلوبنا وأنضجت نحورنا وأضرمت أجوافنا ، فسكتت.
Page 315