269

حديث جابر الجعفي عن أبي عبد الله (ع) ربما يساعد عليه فإنه قال : «من زار الحسين (ع) يوم عاشوراء وبات عنده ، كان كمن استشهد بين يديه» (1). فإن الظاهر منه إرادة المبيت المتعقب لليوم لا السابق عليه وإلا لقال (عليه السلام) (من بات ليلة عاشوراء عند الحسين (ع) وزار يومه وظل باكيا كان له كذا وكذا).

على أن الاعتبار يساعد على أن المقيم عند قبر الذبيح العطشان في تمام اليوم أن لا يرتحل عنه في هذه الليلة التي لم يمر مثلها على بنات رسول الله وودائع الخلافة ، وهن في تلك الفلاة الجرداء قد فقدن البدور النيرة والاباة الصفوة ، وإلى جنبهن الأشلاء المقطعة بسيوف البغي والضلال ، وهن في فرق سائد لا يدرين ماذا يصدر عليهن من أعداء الله وأعداء رسوله ، فيكون الموالي لهم البائت تلك الليلة عند قبره مشعرا بحزنه وبكائه إلى أسفه بتأخره عن الحضور بالفوز الأكبر فيكثر من قول : يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما (2). ويواسي سيدة النساء الباكية على مهجتها الممنوع من الورود. ولقد رأتها في المنام ذرة النائحة واقفة على قبر الحسين (ع) تبكي ، وأمرتها أن تنشد :

أيها العينان فيضا

واستهلا لا تغيضا

ويحدث القاضي أبو علي المحسن بن علي التنوخي عن أبيه : أن أبا الحسن الكاتب كان يسأل عن ابن النائح ، فلم يعرفه من كان في المجلس من أهل الكرخ غيري ، فقلت له : ما القصة؟ قال أبو الحسن الكاتب : عندي جارية كثيرة الصيام والتهجد ، وهي لا تقيم كلمة عربية صحيحة فضلا عن أن تروي شعرا والغالب على لسانها النبطية ، انتبهت البارحة فزعة ترتعد ومرقدها قريب من موضعي ، فصاحت بي : يا أبا الحسن الحقني! قلت : ما أصابك؟ قالت : إني صليت وردي ونمت ، فرأيت كأني في درب من دروب الكرخ وإذا بحجرة نظيفة

Page 298