225

قريب ولا بعيد أعز علي منك ، ولو قدرت أن أدفع الضيم عنك بشيء أعز علي من نفسي لفعلت ، السلام عليك ، أشهد أني على هداك وهدى أبيك. ومشى نحو القوم مصلتا سيفه وبه ضربة على جبينه فنادى : ألا رجل؟ فأحجموا عنه ؛ لأنهم عرفوه أشجع الناس. فصاح عمر بن سعد : أرضخوه بالحجارة. فرمي بها ، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره وشد على الناس وإنه ليطرد أكثر من مئتين ، ثم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل. فتنازع ذووا عدة في رأسه ، فقال ابن سعد : هذا لم يقتله واحد. وفرق بينهم بذلك (1).

* جون

ووقف جون (2) مولى أبي ذر الغفاري أمام الحسين يستأذنه فقال (عليه السلام): «يا جون إنما تبعتنا طلبا للعافية ، فأنت في إذن مني». فوقع على قدميه يقبلهما ويقول : أنا في الرخاء ألحس قصاعكم ، وفي الشدة أخذلكم ، إن ريحي لنتن ، وحسبي للئيم ، ولوني لأسود ، فتنفس علي بالجنة ؛ ليطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيض لوني ، لا والله لا افارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. فأذن له الحسين (3)، فقتل خمسا وعشرين وقتل. فوقف عليه الحسين (ع) وقال : «اللهم بيض وجهه وطيب ريحه ، واحشره مع محمد (ص) وعرف بينه وبين آل محمد (ص)».

فكان من يمر بالمعركة يشم منه رائحة طيبة أذكى من المسك (4).

* أنس الكاهلي

وكان أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي شيخا كبيرا صحابيا ، رأى النبي

Page 252