Al-Maqṣid al-asnā fī sharḥ maʿānī asmāʾ Allāh al-ḥusnā
المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى
Editor
بسام عبد الوهاب الجابي
Publisher
الجفان والجابي
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٠٧ - ١٩٨٧
Publisher Location
قبرص
Genres
Creeds and Sects
دَرَجَات محسوسة كالدرج والمراقي وَجَمِيع الْأَجْسَام الْمَوْضُوعَة بَعْضهَا فَوق بعض وَإِمَّا فِي الرتب المعقولة للموجودات الْمرتبَة نوعا من التَّرْتِيب الْعقلِيّ فَكل مَا لَهُ الْفَوْقِيَّة فِي الْمَكَان فَلهُ الْعُلُوّ المكاني وكل مَا لَهُ الْفَوْقِيَّة فِي الرُّتْبَة فَلهُ الْعُلُوّ فِي الرُّتْبَة والتدريجات الْعَقْلِيَّة مفهومة كالتدريجات الحسية وَمِثَال الدَّرَجَات الْعَقْلِيَّة هُوَ التَّفَاوُت الَّذِي بَين السَّبَب والمسبب وَالْعلَّة والمعلول وَالْفَاعِل والقابل والكامل والناقص فَإِذا قدرت شَيْئا فَهُوَ سَبَب لشَيْء ثَان وَذَلِكَ الثَّانِي سَبَب لثالث وَالثَّالِث لرابع إِلَى عشر دَرَجَات مثلا فالعاشر وَاقع فِي الرُّتْبَة الْأَخِيرَة فَهُوَ الْأَسْفَل الْأَدْنَى وَالْأول وَاقع فِي الدرجَة الأولى من السَّبَبِيَّة فَهُوَ الْأَعْلَى وَيكون الأول فَوق الثَّانِي فوقية بِالْمَعْنَى لَا بِالْمَكَانِ والعلو عبارَة عَن الْفَوْقِيَّة
فَإِذا فهمت معنى التدريج الْعقلِيّ فَاعْلَم أَن الموجودات لَا يُمكن قسمتهَا إِلَى دَرَجَات مُتَفَاوِتَة فِي الْعقل إِلَّا وَيكون الْحق ﷾ فِي الدرجَة الْعليا من دَرَجَات أقسامها حَتَّى لَا يتَصَوَّر أَن يكون فَوْقه دَرَجَة وَذَلِكَ هُوَ الْعلي الْمُطلق وكل مَا سواهُ فَيكون عليا بِالْإِضَافَة إِلَى مَا دونه وَيكون دنيا أَو سافلا بِالْإِضَافَة إِلَى مَا فَوْقه
وَمِثَال قسْمَة الْعقل أَن الموجودات تَنْقَسِم إِلَى مَا هُوَ سَبَب وَإِلَى مَا هُوَ مسبب وَالسَّبَب فَوق الْمُسَبّب فوقية بالرتبة فالفوقية الْمُطلقَة لَيست إِلَّا لمسبب الْأَسْبَاب وَكَذَلِكَ يَنْقَسِم الْمَوْجُود إِلَى ميت وَحي والحي يَنْقَسِم إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْإِدْرَاك الْحسي وَهُوَ الْبَهِيمَة وَإِلَى مَا لَهُ مَعَ الْإِدْرَاك الْحسي الْإِدْرَاك الْعقلِيّ وَالَّذِي لَهُ الْإِدْرَاك الْعقلِيّ يَنْقَسِم إِلَى مَا يُعَارضهُ فِي معلوماته الشَّهْوَة وَالْغَضَب وَهُوَ الْإِنْسَان وَإِلَى مَا يسلم إِدْرَاكه عَن مُعَارضَة المكدرات وَالَّذِي يسلم يَنْقَسِم إِلَى مَا يُمكن أَن يبتلى بِهِ وَلَكِن رزق السَّلامَة كالملائكة وَإِلَى مَا يَسْتَحِيل ذَلِك فِي حَقه وَهُوَ الله ﷾ وَلَيْسَ يخفى عَلَيْك فِي هَذَا
1 / 107