Maqsad Asna
المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى
Investigator
بسام عبد الوهاب الجابي
Publisher
الجفان والجابي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٧ - ١٩٨٧
Publisher Location
قبرص
Genres
Creeds and Sects
دلَالَة لَا يدل عَلَيْهَا الآخر مِثَاله لَو ورد الغافر والغفور والغفار لم يكن بَعيدا أَن تعد هَذِه ثَلَاثَة أسام لِأَن الغافر يدل على أصل الْمَغْفِرَة فَقَط والغفور يدل على كَثْرَة الْمَغْفِرَة بِالْإِضَافَة إِلَى كَثْرَة الذُّنُوب حَتَّى إِن من لَا يغْفر إِلَّا نوعا وَاحِدًا من الذُّنُوب قد لَا يُقَال لَهُ غَفُور والغفار يُشِير إِلَى كَثْرَة على سَبِيل التّكْرَار أَي يغْفر الذُّنُوب مرّة بعد أُخْرَى حَتَّى إِن من يغْفر جَمِيع الذُّنُوب وَلَكِن أول مرّة وَلَا يغْفر الْعَائِد إِلَى الذَّنب مرّة بعد أُخْرَى لم يسْتَحق اسْم الْغفار
وَكَذَلِكَ الْغَنِيّ وَالْملك فَإِن الْغَنِيّ هُوَ الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى شَيْء وَالْملك أَيْضا هُوَ الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى شَيْء وَيحْتَاج إِلَيْهِ كل شَيْء فَيكون الْملك مُفِيدا معنى الْغنى وَزِيَادَة وَكَذَلِكَ الْعَلِيم والخبير فَإِن الْعَلِيم يدل على الْعلم فَقَط والخبير يدل على علمه بالأمور الْبَاطِنَة وَهَذَا الْقدر من التَّفَاوُت يخرج الْأَسَامِي عَن أَن تكون مترادفة وَتَكون من جنس السَّيْف والمهند والصارم لَا من جنس الْأسد وَاللَّيْث فَإِن عجزنا فِي بعض هَذِه الْأَسَامِي المتقاربة عَن هذَيْن المسلكين فَيَنْبَغِي أَن نعتقد تَفَاوتا بَين معنى اللَّفْظَيْنِ وَإِن عجزنا عَن التَّنْصِيص على خُصُوص مَا بِهِ الِافْتِرَاق كالعظيم وَالْكَبِير مثلا فَإِنَّهُ يصعب علينا أَن نذْكر وَجه الْفرق بَين معنييهما فِي حق الله تَعَالَى وَلَكنَّا لَا نشك فِي أصل الِافْتِرَاق
وَلذَلِك قَالَ عز من قَائِل الْكِبْرِيَاء رِدَائي وَالْعَظَمَة إزَارِي فَفرق بَينهمَا فرقا يدل على التَّفَاوُت فَإِن كل وَاحِد من الرِّدَاء والإزار زِينَة للابس وَلَكِن الرِّدَاء أشرف من الْإِزَار
وَلذَلِك جعل مِفْتَاح الصَّلَاة الله أكبر وَلم يقم عِنْد ذَوي البصائر النافذة الله أعلم مقَامه وَكَذَلِكَ الْعَرَب فِي اسْتِعْمَالهَا تفرق بَين اللَّفْظَيْنِ إِذْ تسْتَعْمل الْكَبِير حَيْثُ لَا تسْتَعْمل الْعَظِيم وَلَو كَانَا مترادفين لتواردا فِي كل
1 / 41