159

Maqamat

مقامات القرني

Genres

صيام النفس في رمضان عزوف عن الانحراف ، والانصراف والإسراف والاقتراف ، فالنفس تعلن الرجوع ، والقلب يحمل الخشوع ، والبدن يعلوه الخضوع ، والعين تجود بالدموع .

لشهر رمضان وقار فلا سباب ، ولا اغتياب ، ولا نميمة ، ولا شتيمة ، ولا بذاء ، ولا فحشاء ، وإنما أذكار واستغفار ، واستسلام للقهار ، فالمسلمون في رمضان كما قيل :

هينون لينون أيسار بنو يسر

لا ينطقون عن الفحشاء إن نطقوا

أهل العبادة حفاظون للجار

ولا يمارون إن ماروا بإكثار

مردة الشياطين في رمضان تصفد بالقيود ، فلا تقتحم الحدود ، ولا تخالط النفوس في ذلك الزمن المعدود .

إذا سابك أحد في رمضان فقل إني صائم ، فليس عندي وقت للخصام ، وما عندي زمن لسيء الكلام ، لأن النفس خطمت عن الخطيئة بخطام ، وزمت عن المعصية بزمام .

إذا قاتلك أحد في رمضان فقل إني صائم فلن أحمل السلاح ، لأنني في موسم الصلاح ، وفي ميدان الفلاح ، وفي محراب حي على الفلاح .

اغسل بنهر الدمع آثار الهوى

تنسى الذي قد مر من أحزان

كان السلف إذا دخل رمضان ، أكثروا قراءة القرآن ، ولزموا الذكر كل آن ، ورقعوا ثوب التوبة بالغفران ، لأنه طالما تمزق بيد العصيان .

هذا الشهر هو غيث القلوب ، بعد جدب الذنوب ، وسلوة الأرواح بعد فزع الخطوب .

رمضان يذكرك بالجائعين ، ويخبرك بأن هناك بائسين ، وأن في العالمين مساكين ، لتكون عونا لإخوانك المسلمين .

فرحة لك عند الإفطار ، لأن الهم ذهب وطار ، وأصبحت على مائدة الغفار ، بعد أن أحسنت في النهار .

وفرحة لك عند لقاء ربك ، إذا غفر ذنبك ، وأرضى قلبك .

بعض السلف في رمضان لزم المسجد ، يتلو ويتعبد ، ويسبح ويتهجد .

وبعضهم تصدق في رمضان بمثل ديته ثلاث مرات ، لأنه يعلم أن الحسنات ، يذهبن السيئات . وبعضهم حبس لسانه عن كل منكر ، وأعملها في الذكر ، وأشغلها بالشكر .

Page 59