بالمرض يجول القلب في سماء التوحيد ، وتطير الروح في فضاء التجريد ، ويغسل البدن بماء الإنابة ، ويفتح الله للمريض بابه ، ويسارع إليه بالإجابة .
عند المريض رسالة من ربه ، كتبت حروفها في قلبه ، فحواها : أحببناك فأدبناك ، وبالمرض قربناك ، وبالبلاء هذبناك .
ويقبح من سواك الفعل عندي
وتفعله فيحسن منك ذاكا
إبل الهدي تتقدم شوقا للرسول - صلى الله عليه وسلم - وبيده الحربة ، تنتظر منه الضربة ، لتذوق حلاوة الألم ، من كف سيد الأمم ، وأنت تتبرم بالبلاء ، وهو عتاب من رب الأرض والسماء :
وقلتم معاذ الله أن يصرف الهوى
لغيركمو مهما حملتم لنا عتبا
فها نحن عاتبناكمو فإذا الهوى
يخون وصرتم بعد هذا الهوى غضبى
أيها المريض : أسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم ، أن يشفيك .
المقامة الرمضانية
{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن }
(( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ))
مرحبا برمضان ، شهر التوبة والرضوان ، شهر الصلاح والإيمان ، شهر الصدقة والإحسان ، ومغفرة الرحمن ، وتزين الجنان ، وتصفيد الشيطان .
مرحبا أهلا وسهلا بالصيام
فاغفر اللهم ربي ذنبنا
يا حبيبا زارنا في كل عام
ثم زدنا من عطاياك الجسام
هذا شهر العتق والصدق والرفق ، رقاب تعتق ، ونفوس ترفق ، وأياد تتصدق ، باب الجود في رمضان مفتوح ، والرحمة تغدو وتروح ، والفوز ممنوح ، فيه ترتاح الروح ، لأنه شهر الفتوح ، هنيئا لمن صامه ، وترك فيه شرابه وطعامه ، وبشرى لمن قامه ، واتبع إمامه . القلب يصوم في رمضان ، عن اعتقاد العصيان ، وإضمار العدوان ، وإسرار الطغيان .
Page 57