155

Maqamat

مقامات القرني

Genres

ما دام أنك منكسر القلب ، ملقى على جنب ، فأنت قريب من الرب ، لا يغرنك المنافق فهو عير على شعير ، وبعير على شفا بير ، تأتي ضربته قاصدة ، ونفسه جامدة ، وروحه جاحدة ، فهو كشجرة الأرزة ، منتصبة ، متصلبة ، وفي لحظة وإذا هي متقلبة .

أما أنت يا مؤمن فأنت كالخامة مع ريح الشمال ، مرة من يمين ومرة من شمال ، لأنك شجرة جمال وجلال .

والله لو أحرقوني في الهوى حمما

منكم دوائي ودائي صرت عبدكمو

ما اخترت غيركمو في الكون إنسانا

أرى بلاءكمو في الجسم إحسانا

يا أيها المسلم المبتلى ، حظك اعتلى ، وثمنك غلا ، وغبار المعصية عنك انجلى .

والله إنك أحب إلى ربك من المنافق السمين ، والفاجر البطين ، والعاصي الثخين ، كما أخبر الصادق الأمين .

المنافق كالخروف ، يسمن للضيوف ، ثم يذبح بسكين الحتوف .

والمؤمن جواد يضمر ، ليقطع السير المقدر ، ويصل إلى المحل الموقر .

ألا بلغ الله الحمى من يريده

وجازاك ربي أيها الداء نعمة

وبلغ أطراف الحمى من يريدها

فقد حرك الأشواق منك بريدها

دع الشحم يذوب ، وتذهب الذنوب ، وتخشع النفس وتتوب ، ويعود القلب عودة حميدة ، وترجع الروح رجعة مجيدة .

يا أهل الأسرة البيضاء ، هنيئا لكم هذا البلاء ، وأبشروا بالشفاء . أو بمغفرة تغسل الأخطاء ، ورحمة أعظم من الدواء .

المرض يذهب الكبر والبطر ، والعجب والأشر ، لأن الرزايا إلى الجنة مطايا ، والبلايا من الرحمن عطايا ، وإلى رضوانه مطايا ، ابتلاك بالأسقام ، ليغسل عنك الآثام .

فافرح لأنه رشحك للعبودية ، لأن البلاء طريقة محمدية ، يبتلى الناس الأمثل فالأمثل ، والأفضل فالأفضل ، والأكمل فالأكمل .

إذا أحب الله قوما ابتلاهم ، وطهرهم وجلاهم

إن كان سركمو ما قال حاسدنا

فما لجرح إذا أرضاكمو ألم

كان رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يوعك كما يوعك رجلان ، لأنه حبيب للرحمن ، كامل الإيمان ، تام الإحسان .

Page 55