245

============================================================

الفن الرابع: المتالات التي اختلف فيها أهل الملة وقال هشام والحشوية وجماعة المشبهة: إنه في مكان دون مكان. إلا ابن كلاب فإنه يقول بما يفهم، يزعم أنه على العرش لا في مكان، وليس يريد بالعرش الملك، ويقول: إنه ليس بجسم، إلا أنه ينظر بعين ويسمغ بسمع، ولم يزل متكلما بكلام قائما به.

وأجاز بعضهم عليه النزول والمشي والانتقال. وأنكر ذلك بعضهم.

وقال هشام: لأن حركته فعله، وهي غير المفعول، وإن حركته هذه ليست من مكان إلى مكان، وكان يأبى أن ينزل؛ قياسا على أن يتحرك.

وأجاز السكاك عليه الزوال؛ قياسا على الحركة، حتى لم يجذ بينهما فصلا، واحتخوا بقوله: الرحمن على العرش أستوى} ([طه: 5).

فقال مخالفوهم: ليس المراد بالعرش ههنا المكان؛ لأن الله إنما أراد بهذه الآية وصف عظمته وليس أن يكون الشيء بالمسافة عظمة ولا مدحا، وإنما العظمة والمدخ أن يكون فوقه بالقدرة والشلطان والقهر.

قالوا: فتأويل الآية: استولى على الملك؛ لأن العرش قد يكون في اللغة(7،.

ملكا، قالوا: وقد وافقنا خصومنا على أن الله لم يزل ولا مكان، وأنه أحدث المكان وخلقه ولم يتغير عن حاله، فكما أنه قبل أن يخلق لم يكن في مكان، كذلك هو بعد أن خلق ما خلق جل وعز.

وقال قوم من أهل التوحيد والعدل، منهم هشام بن عمرو وأبو زفر ومن مذهبهما: إن إطلاق القول: إن الله بكل مكان، أو في كل مكان، خطأ، على موافقتهم لأصحابهم في المعنى، وذلك أن معنى المعتزلة وغيرهم في قولهم: إن الله بكل مكان، أنه حافظ له عالم أنه لا يخفى عليه منه ومما فيه شيء،

Page 245