231

============================================================

الفن الثالث: في الاستدلال بالشاهد على الغائب قلنا: أما إيلام المولى، فقد وجدنا له في الشاهد أصلا ثابتا، وهو أن الرجل الحكيم الشفيق قد يؤلم وليه بضرب من المصلحة ويكون في إيلامه له حكيما ناظرا، فيخرج إيلام المولى بما شاء من حد ما حلنا؛ أي: يفعله حكيم مع إثبات الحكمة له، قلنا: إن كل إيلام يكون لمصلحة أو لنفع/ عاجل (24 ب) أو آجل فقد يجوز وقوعه من الحكيم، وكل إيلام ليس كذلك فلن يجوز من الحكيم كائنا من كان.

و أما امتحان من يعلم الممتحن أنه يعصي ولا يطيع، فقد وجدنا له أيضا أاصلا، وهو أن رجلا لو علم بأكثر الرأي أو بإعلام صادق إياه أن عبده لا يطيعة في شيء يأمؤة به فأراد لضرب من التدبير أن يقرر من ذلك عند صاحب له ما قد يقر عنده، لجاز أن يمتحن لك العبد بفعل شيء لا يرجغ بمعصيته إياه بكثير ضرر عليه ولا على غيره لتفود عند صاحبه من إصراره على المعصية ما قديقرر عنده.

وبعل فإن امتحان الله لعبده هو بفريضة إياه للثواب الدائم الذي لا يبيد ولا ينقطع مع إباحة العلة وقطع العدد، وهذا أحسن جميل إذا كان على ما بينا.

وانما قبح ممن قبح بجهله بالعواقب والمصالح وعجزه عن إقامة جزاء الحسنة والسيئة، ولأن ذلك محظور عليه من جهة الأمر والنهي إلا القدرة الذي أومأنا إليه وما أشبهة، وليس بغيره مما هو عليه معصية الممتحن ولا علم الممتحن بالمعصية، ولو وجب أن يفتح تلك المعصية الممتحن وعلم الممتحن لكان من امتحن عبده بأن أمره بالكفر والفجور وعرضه بذلك لعقابه مع علمه بأن عبده يطيع، يستحق الثواب ويصير إلى خير ونعمة، محسن عادل ومصيث، فلما كان علم هذا الممتحن بطاعة عبده ومصير العبد إلى ما صار

Page 231