230

============================================================

مقالات البلخى بالبعيد، قلنا: إن كل من فعله فليس بجواد كائنا من كان، وكل فعل لا يعرف قبحه إلا بحجة السمع ومن جهة البعيد وكان قد يحسن من واحد ويقبع من آخر، أجزنا أن يفعله فاعل ما، فيكون منه غير قبيح، ولا يكون بفعله إياء خارجا من الحكمة.

فلما رأينا تكليف السيد عبده ما لا يطيق من تعذيبه إياه وشتمه له على عدم ما كلفه وقد منعه ما به يصل إلى ما أمر به قبيحا في الفعل، وقبل ورود حجة السمع وبعده في كل حال ومن كل أحد، وعند كل محجوج، ووجد منع السيد منا عبده ما به يصل إلى طاعته مع أمره إياه بها، وادخاره عنه أصلح الأشياء له في أداء ما كلفه مع قدرته على ذلك وعناه عنه وعلمه بحاجة العبد إليه، خارجا من حد الجود، ووجدنا المانع لما ذكزنا والمدخر لما وصفنا غير جواد عند كل فاعل في عقل كل محجوج ممن يقر بالأمر والنهي وحجة السمع، وممن ينكر ذلك، قلنا: إن كل من فعل ذلك فغير عادل ولا حكيم ولا جواد كائنا من كان، والله جل ذكره يتعالى عن ذلك.

ولو جاز أن يوجد ماهو قبيخ بعينه وفي العقل قبل حجة السمع من حكيم من الحكماء، مع إثبات الحكمة له وعين الشيء موجودة لم تتقلب لجاز أن يوجد ما قبح لعلة من العلل من حكيم ما، مع إثبات الحكمة له، ويكون منه حسنا، والعلة المقبحة له موجودة، فلما كان هذا غير جائز كان الأول مثله.

ولما رأينا إيلام المولى، وامتحان من يعلم منه المعصية، وإعطاء الآلة والقدرة والعقل لغير اختلاف منفعة ولا دفع مضرة، على خلاف ما قد قدمنا ذكره، وجدناه مع فاعل مع إثبات الحكمة له.

فإن قال قائل: ومن أين قلتم: إن هذه المعاني خلاف المعاني التي قدميم ذكرها ولم تجيزوا أن يفعلها فاعل مع إثبات الحكمة له؟

Page 230