============================================================
الفن الثالث: في الاستدلال بالشاهد على الغائب يكون بخلافه، وإن اتفقت أسماؤها والوصف لها ببعض الصفات. قالوا: فليس أحذ من خصومنا إلا وهو يجيز وجود شيء في الغالب مخالفا لها بشاهد من الأشياء إن وافق وصفه وصف ما شاهد وتثبت للشيء حكما وإن لم يكن يثبته من طريق المشاهدة والحس.
قالوا: والفلاسفة/ تقول: إنهالم تشاهذ حيا ناطقا إلا والموث جائز (24/با عليه، ثم قد أقرث في الغاتب بحي ناطق ليس بميت؛ أي: لا يجوز عليه الموت، وتقول: إنها لم تشاهذ جرما إلا مركبا من الطبائع الأربع، ثم الأفلاك عندها أجرام ليست مركبة من هذه الطبائع.
والثنوية تقول: إنهالم تشاهد مزاجا لا مزاج قبله، ثم تقر بأنه قد وجد في الغائب مزاج لا مزاج قبله، هذا يقوله منهم من يقر بأن المزاج غير الممتزجين، ت وأما من أنكر ذلك فإنه يقول: إنه لم ير نورا إلا ممازجا للظلمة ولا ظلمة إلا ممازجا للنور، ثم يقر بأن في الغائب نورا غير ممازج للظلمة ولا ظلمة غير ممازجة للنور، فإن أحالوا على الشمس والقمر وقالوا: إنهما نور خالص، فإن دعواهم فيها كدعواهم أن وراءهما نورا خالصا لا مزاج فيه؛ لأنا وإن كنا نشاهذهما فلشنا نشاهد أنهما لا مزاج فيه، وأما [ما] احتاج إلى دليل فحكمه حكم الغائب.
وبعد فإنهم جميعا يقولون: إنه كان النور والظلمة وليس شيء من أحدهما ممازجا لصاحبه، وهم لم يشاهدوا ذلك بل لم يشاهدوا حالا إلا والشيء من النور فيه ممازخج لشيء من الظلمة.
والدهرية إنها تقول: لم نر مكانا من الأرض إلا وقد يمكن فيه تولد
Page 215