فرد: «ربما نعم وربما لا. من السهل أن يموت المرء هنا دون أن يعرف أحد عن موته شيئا. من الممكن أن يكون قد أكلته حيوانات مفترسة.»
قالت أجنيس لجيمس الابن الذي يحوم حولها وحول الطفلة، متظاهرا بأنه غير عابئ بهما: «اقترب من هذه الطفلة مرة أخرى، وسأعاقبك عقابا شديدا.»
كانت أجنيس تعتقد أنه استحق ما حدث له، ذلك الشخص الذي لم يكلف نفسه حتى عناء وداعها قبل أن يغادر. لكنها كانت تتمنى ظهوره في وقت ما ليراها متزوجة من أخيه، وذلك حتى يتعجب، ويدرك أيضا في النهاية أنه لم يستطع النيل منها.
تعجبت ماري كيف لأبيها أن يتكلم بهذه الطريقة، كيف يتحدث عن أن الحيوانات المتوحشة ربما تكون قد أكلت ابنه! هل هذا يبين كيف يستحوذ حزن السنين على المرء، فيحول قلبه إلى حجر، وذلك حسب كلمات الأغنية القديمة؟ ثم هب الأمر كذلك، فإلى أي مدى من الازدراء واللامبالاة يمكن أن يتحدث عنها، وهي التي لم تكن تعني له ولو جزءا ضئيلا مما يعنيه له أولاده؟ •••
لقد أحضر شخص ما آلة كمان إلى سطح السفينة، وأخذ يضبطها ليعزف عليها. وقد شتتت أصوات العزف هذه انتباه الذين كانوا عالقين على سور السفينة، يشير كل منهم إلى الآخر، لما كان بإمكان أي منهم رؤيته بنفسه - إضافة إلى تكرار الاسم الذي بات يعرفه الجميع الآن؛ نوفا سكوشا - ثم بدءوا يتنادون من أجل الرقص. ذكروا أسماء الرقصات الشعبية الاسكتلندية التي يريدون من عازف الكمان أن يعزف موسيقاها. تم إخلاء مكان للرقص، واصطف كل اثنين للرقص بنوع من الترتيب، وبعد فترة تعالت فيها صيحات التشجيع النافد صبرها وصرير ضبط الكمان المزعج، بدأ العزف وانتظم اللحن وبدأ الرقص.
الرقص في الساعة السابعة صباحا.
صعد أندرو من أسفل حاملا ما يحتاجونه من الماء. وقف قليلا يشاهد الرقص، ثم فاجأ ماري بأن طلب منها الرقص معه.
قالت أجنيس على الفور: «ومن الذي سيعتني بالولد؟ لن أقوم من فراشي لأجري وراءه وأمسك به.» لقد كانت مغرمة بالرقص، ولكن لا يمكنها الرقص الآن، ليس فقط بسبب رضاعة الطفلة، ولكن بسبب تقرح أعضاء جسدها التي تأثرت بشدة أثناء الولادة.
رفضت ماري من جانبها، قائلة إنها لن تستطيع أن تشاركه الرقص، ولكن أندرو قال: «سنربطه بأمه بحبل.»
ردت ماري: «لا، لا، ليس لي حاجة بالرقص.» كانت ماري تعتقد أن أندرو يشفق عليها، متذكرا كيف اعتادت أن تترك وحيدة دون أن تشارك في الألعاب المدرسية وفي الرقص، على الرغم من أنها كانت تستطيع بالفعل الجري والرقص على نحو رائع. كان أندرو هو الوحيد من بين إخوتها القادر على مثل التعاطف، ولكنها كانت تفضل لو عاملها مثلما يعاملها إخوتها الآخرون، وتركها وحيدة كما كانت دائما؛ فالشفقة تغضبها.
Unknown page