فتقول إرلما: «حقا.» •••
في اليوم التالي يزورنا هاري كروفتون - الذي يعمل بدوام جزئي في مزرعة الديوك الرومي التي كان والدي يعمل بها - في وقت الغداء، وبعد بعض الاعتراضات الضرورية والمتوقعة يقتنع بالبقاء معنا. يحين موعد الغداء في الظهيرة، ونتناول فيه قطع لحم مستديرة تم دقها وتغطيتها بالدقيق وطهيها في الفرن، والبطاطس المهروسة في صوص اللحم، والجزر الأبيض المسلوق، وسلطة الكرنب، والبسكويت، وكعك الزبيب، والتفاح الحامض المحفوظ، وفطيرة القرع العسلي بطبقة المارشميلو، إلى جانب الخبز والزبد، والعديد من المقبلات، والقهوة الفورية والشاي.
ينقل هاري رسالة فحواها أن جو تومس، الذي يعيش عند النهر في كارافان، ولا يوجد لديه هاتف، سوف يكون ممنونا لو زاره والدي ومعه جوال من البطاطس، وبالطبع سوف يدفع ثمنه. كان سيأتي ويأخذه بنفسه لو كان يستطيع، ولكنه لا يستطيع القدوم.
تقول إرلما: «أراهن أنه يستطيع.»
فيحاول أبي صرف الانتباه عن هذه السخرية بأن يقول لي: «إنه شبه أعمى هذه الأيام.»
يضيف هاري: «إنه بالكاد ما يجد طريقه إلى متجر الخمور.»
فيضحك الجميع.
فتقول إرلما معقبة: «إنه يستطيع أن يجد طريقه إلى هناك عن طريق أنفه.» ثم تعيد ما قالته بحس من الاستمتاع كعادتها: «إنه يجد طريقه إلى هناك عن طريق أنفه.»
إرلما امرأة بدينة ذات وجه متورد، وضفائر مصبوغة باللون البني الذهبي، وعينين بنيتين لا يزال بهما لمعان، وطلة من الاستعداد العاطفي، والوقوف دائما على شفا المرح الصاخب. أو على شفا الجزع الذي يتحول تدريجيا إلى غضب وثورة؛ فهي تحب إضحاك الآخرين، وإضحاك نفسها. وفي أوقات أخرى تجدها تضع يديها على وركيها دافعة رأسها إلى الأمام لتطلق عبارة لاذعة، وكأنها تتمنى لو أثارت شجارا، وهو السلوك الذي تربطه بكونها أيرلندية وبكونها قد ولدت على متن قطار. «أنا أيرلندية، كما تعلم؛ لذا أتشاجر على الطريقة الأيرلندية. وولدت على متن قطار متحرك، لم أستطع الانتظار، كان القطار يسير على خط كيكينج هورس (بمعنى الحصان الرافس) للسكك الحديدية، أتعلم ماذا يعني ذلك؟ إن كونك مولودا على ظهر حصان رافس يعني أنك تعرف كيف تدافع عن نفسك، وتلك حقيقة.» بعدها، وسواء رد مستمعوها بنفس الطريقة أو تراجعوا في صمت مرتبك، سوف تطلق ضحكة يشوبها التحدي.
تقول موجهة الحديث لهاري: «ألا يزال جو يعيش برفقة تلك السيدة التي تدعى بيجي؟»
Unknown page