هرب هوج إلى إدنبرة متقمصا الدور الصعب للمهرج الساذج العبقري الريفي، ثم هرب - عندما ألف عمله «اعترافات مذنب معذور» - إلى شهرة دائمة رحبة الآفاق. أما ليدلو، وإن كان يفتقد المواهب التي كان يحظى بها ابن عمه، فإنه لم يكن يفتقر - فيما يبدو - إلى الاستعراض وحب الظهور وإبراز أنه بحاجة إلى مكان آخر غير حانة تيبي شيل لاستعراض مواهبه. وكان له بعض التأثير عندما رفع من شأن أكثر أفراد عائلته خضوعا وإذعانا وجعلهم ينتقلون للعيش في أمريكا - أو بالأحرى كندا - عندما كبر في السن، حسبما أشار هوج، حتى إنه كان على وشك الموت.
إن حب الظهور واستعراض الذات صفة مرفوضة من قبل عائلتنا. والآن عندما أتأمل هذا المصطلح، أتذكر أنهم لم يكونوا يستخدمونه كذلك على وجه التحديد، بل كانوا يستخدمون مصطلح «جذب الانتباه»؛ أي «أن يجذب المرء انتباه الآخرين إليه.» ولم يكن التواضع هو المقابل الدقيق لهذا المصطلح؛ بل كان الوقار وضبط النفس الشديدين، أو نوعا من الرفض؛ رفض الشعور بالحاجة لتحويل حياتك إلى قصة من أجل الآخرين أو من أجل نفسك. وعندما أمعنت النظر في الأفراد الذين أعرف معلومات عنهم في العائلة، بدا لي أن بعضهم يشعر بتلك الحاجة على نحو كبير، لا يقاوم، بالنحو الكافي الذي يجعل الآخرين يشعرون بالإحراج والضيق. من أجل ذلك كان يجب أن يعلن الحكم عليهم أو التحذير من أمرهم على نحو متكرر. •••
أفل عالم ويل أوفوب تقريبا، لما صار حفيداه - جيمس هوج وجيمس ليدلو - شابين. كان هناك وعي تاريخي بهذا الماضي الحديث؛ إما إعجابا به وإما استغلالا له، وهو أمر ممكن فقط عندما يشعر الناس بأنهم منبوذون لا محالة. وهذا بالضبط ما شعر به جيمس هوج، وإن كان ينتمي بشدة لإتريك. يرجع الفضل إلى كتاباته في كل ما عرفت عن ويل أوفوب. لقد كان هوج عالما بما يحدث ببلدته وفي الوقت نفسه غريبا عنها، وكان يجتهد في صياغة قصص أهله وتسجيلها، ويحدوه الأمل إلى استثمار ذلك على نحو مربح. ولقد وجد في أمه مارجريت ليدلو - أكبر بنات ويل أوفوب - مصدرا رائعا في هذا الشأن، وهي التي تربت وترعرعت في فار-هوب. وكان هوج يتولى تهذيب المعلومات التي يجمعها وتجميلها، وهو نوع من الكذب البارع الذي نتوقع من الكتاب أن يضمنوه في كتبهم.
كان والتر سكوت غريبا عن بلده، ولكن على نحو مختلف؛ إذ كان محاميا في إدنبرة ثم عين في منصب رفيع في المنطقة التي كانت تعيش فيها عائلته. إلا أنه كان قد أدرك أيضا - كما يفعل الغرباء في بعض الأحيان - مدى أهمية شيء كان يتلاشى. عندما أصبح القاضي المحلي لسيلكيرك شاير، بدأ يتنقل في أنحاء البلاد ليجمع الأغنيات والقصائد الشعبية القديمة التي لم تدون من قبل، ونشرها في كتابه «قصائد وأغاني مناطق اسكتلندا الحدودية». أما مارجريت ليدلو هوج، فقد اشتهرت محليا بسبب القصائد الكثيرة التي كانت تحفظها. وأما هوج - الذي كانت عينه على الأجيال القادمة وما سيحصل عليه من مكاسب في الوقت الحاضر - فقد سعى لاصطحاب سكوت ليرى أمه.
أنشدت مارجريت كثيرا من القصائد، بما في ذلك «قصيدة جوني أرمسترونج» المكتشفة حديثا، التي قالت إنها حصلت عليها هي وأخوها «من أندرو مور العجوز، الذي حصل عليها بدوره من بيبي متلين (أو ميتلاند) التي كانت مديرة منزل أول لوردات توشيلو.» (تصادف أن أندرو مور هذا كان خادما لبوستون وهو من قال إن بوستون قد «طرد الشبح» الذي ظهر في إحدى قصائد هوج. وهذا بعد جديد في شخصية القس.)
اعترضت مارجريت هوج بشدة عندما رأت الكتاب الذي ألفه سكوت عام 1802 وبه إسهاماتها.
وأظن أنها قالت إن هذه القصائد «كتبت كي تنشد لا كي تطبع، وإنها لن تغنى بعد هذا اليوم على الإطلاق.»
واعترضت أيضا قائلة إن القصائد «لم تدون تدوينا صحيحا، وهجاؤها ليس سليما»، وإن بدا أن هذا الحكم غريب أن يخرج من شخص قدم - من قبل نفسه أو من قبل هوج - على أنه امرأة ريفية عجوز وبسيطة لم تحصل إلا على الحد الأدنى من التعليم.
ربما كانت بسيطة وشديدة الذكاء على حد سواء. فقد كانت تعرف ماذا كانت تفعل، لكنها لم تستطع منع نفسها من الندم على ما قامت به. «ولن تغنى بعد هذا اليوم أبدا.»
وربما كانت تستمتع بإظهار أن الأمر كان يحتاج لأكثر من كتاب مطبوع، ولأكثر من تدوين القاضي المحلي لسيلكيرك، كي يترك انطباعا جيدا لديها. وأظن أن كل الاسكتلنديين كذلك. كل أفراد عائلتي كانوا كذلك. •••
Unknown page