• القول بأن الزردة معصية:
الدرجة الثانية: أنها معصية لا تنتهي إلى الشرك، وقوفًا عند الظواهر التي تشتمل الزردة عليها؛ من إسراف، واستدانة، وشهود مناكر من تطبيل وتزمير ورقص وصياح وتخبط كالذي يتخبطه الشيطان من المس، إلى موبقات أخر من خمر واختلاء بالأجنبيات واختلاط بهن، وإن لم تشتمل زردة ضعيفة الشهرة على كل هذه المخازي والنقائص؛ لم تخل من بعضها، وقد بنى هذا الفريق نظره على حكم الفروع فأصاب، وأغفل جهات الأصول فأخطأ.
• القول باستحسان الزردة وما يرد عليه:
الدرجة الثالثة: استحسانها؛ نظرًا إلى ما يقع من التزاور ومواساة الفقراء، ثم هي داخلة في النذر وإهداء الثواب للميت!!
أما ما فيها من التزاور والمواساة؛ فالجواب عنه:
أولًا: إن أغلب المجتمعين يضيعون الصلوات يوم الزردة، ولا يشهد كثير منهم الجمع والأعياد، ولا يصلون الأرحام، وكثير من الفقراء والأيتام مقهورون عن الزردة منهورون.
وثانيًا: إن المقصود بالذات هو التقرب من صاحب الضريح.
وثالثًا: إن ما في الزردة من مفاسد أطم من ذلك الطفيف من المحاسن لو قصد بالذات، وغلبة مفسدة الشيء على مصلحته دليل الحظر منه- كما قال العلماء- أخذًا من قوله تعالى في الخمر والميسر: ﴿وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة: ٢١٩].
ثم لو كانت الزردات خيرًا- وهي كثيرة عندنا-؛ لظهر خيرها، أو لقلت كما قل كل خير، ولكان السلف أولى بها كما هم أولى منا بكل خير.