تسمع دعوى الضرورة في مثل هذا المقام مع مخالفة الجماهير من الأعلام.
وحيث ذكرنا أنه يمكن أن يكون هذا الكلام من المحقق الدواني على سبيل التنزل ، فلا يرد عليه ما ذكره المحشي الشيرازي : من أنه اقتفى أثر الشارح في جعل القيدين قيدا للوجود إلى آخره فتبصر.
وأيضا يرد على الشارح على تقدير جعل القيد قيدين اثنين كما فعله ، ما أشار إليه ذلك المحقق أيضا وهو أنه يمكن إجراء نظير ما ذكره في تتميم الدليل في استلزام أزلية الإمكان إمكان الأزلية ، الذي نفاه الشارح فيما تقدم منه في التمهيد. فما ذكره في التتميم مخالف لما ذكره في التمهيد ، بل هو ينتقض به. وبيان الإجزاء أنه يمكن أن يقال : إن اتصاف ذات الممكن بالوجود المطلق ، غير ممتنع ، فلو امتنع اتصافه بالوجود المقيد بالدوام ، لكان هذا الامتناع ناشئا من هذا القيد أي قيد الدوام الذي جعل قيدا آخر للممكن ، لكنه ليس منشأ للامتناع وإلا لم يتصف ممكن بالدوام. ومعناه كما ذكره المحشي الشيرازي : وإلا لم يتصف ممكن بالدوام المطلق المتناول لدوام الوجود ودوام العدم المتحقق في ضمن دوام العدم ، وهذا باطل ، لأن اتصاف ممكن ما بدوام العدم مما لا يمكن إنكاره ، بل هو مما لم يخالف فيه أحد ، وإن كان اتصافه بدوام الوجود مختلفا فيه بين القائلين بقدم العالم والقائلين بحدوثه ، متحققا عند القائلين بقدمه. هذا مع قطع النظر عن أن من قال بالصفات الموجودة الزائدة على ذاته تعالى قال بتحقق اتصاف الممكن بدوام الوجود.
فإن قلت : للشارح أن يقول في دفع هذا الإجراء والنقض عنه : إنا حيث قلنا بامتناع اتصاف ذات الممكن بالوجود المقيد بالدوام ، وجعلنا الامتناع ناشئا من هذا القيد فاللازم علينا أن لا يتصف ممكن بدوام الوجود ، وهو حق ، نلتزمه ، فإن فرض اتصافه بدوام الوجود إنما يصح عند من قال بقدم العالم أو بالصفات الزائدة ، وكل من المذهبين باطل ، كما تقرر في مقره ، وليس يلزم علينا أن لا يتصف ممكن بالدوام المطلق المتحقق في ضمن دوام العدم حتى يكون باطلا.
قلت : فعلى هذا فيجعل الشارح القيد قيدا واحدا ، أي يجعل الوجود قيدا ووصفا للممكن ، ويجعل الدوام قيدا للقيد الأول أي الوجود ، فليكن الحال فيما ذكره في التتميم
Page 369