251

البداهة ، أو يكون فيه تنبيه على السابق الذي ادعى البداهة فيه ، وإما بيان آخر يكون فيه إثبات تلك المقدمة بطريق البرهان.

وعلى كل تقدير فهو مبني على ما هو المستبين أو المحقق عندهم من أن الوجود الخاص لكل شيء هو عينه في الخارج ، وإن كان غيره بحسب الاعتبار العقلي ، وأراد بالوجود الخاص منشأ الموجودية ومناط صدق الوجود بالمعنى العام الانتزاعي على الذات ومصداق حمل الموجود بهذا المعنى عليها. وكأنه أشار بذلك إلى ما تقدم منه ، في بعض حواشيه على الشرح المذكور حيث حقق فيه أن الوجود بالمعنى العام الانتزاعي المشترك فيه بين الأشياء من المعقولات الثانية. وهو ليس عينا لشيء منها حقيقة. نعم مصداق حمله وهو المراد بالوجود الخاص على الواجب ذاته بذاته ومصداق حمله على غيره ، ذاته من حيث هو محمول الغير. (1)

فالمحمول في الجميع زائد بحسب الذهن ، إلا أن الأمر الذي هو مبدأ انتزاع المحمول في الممكنات ذاته من حيثية مكتسبة من الفاعل ، وفي الواجب ذاته بذاته ، فإنه في ذاته بحيث إذا لاحظه العقل انتزع منه الوجود المطلق بخلاف غيره. انتهى ملخصا.

ولا يخفى أن هذا الكلام منه يدل على ما ذكره هنا كما أن ما نقلناه عن الشيخ في الشفاء سابقا يدل عليه ، حيث قال : فإن لكل أمر حقيقة هو بها ما هو ، فللمثلث حقيقة أنه مثلث وللبياض حقيقة أنه بياض ، وذلك هو الذي ربما سميناه الوجود الخاص ولم نرد به الوجود الإثباتي.

وقال أيضا : إنه من البين أن لكل شيء حقيقة خاصة هي ماهيته ومعلوم أن حقيقة كل شيء الخاصة به ، غير الوجود الذي يرادف الإثبات إلى آخر ما ذكره كما نقلنا عنه هنالك.

وينبغي أن يحمل كلام الشيخ على ما دل عليه كلام المحقق المذكور ، يعني أنه أراد بالحقيقة في الحكم بأنه عين الوجود الخاص الحقيقة من حيث كونها منشأ لانتزاع صفة الوجود الإثباتي عنه ، لا الحقيقة من حيث هي ، فإنها من حيث هي ، بل من حيث كونها أيضا معروضة للوجود الإثباتي وموصوفة بها ، غير الحقيقة بمعنى الوجود الخاص

Page 300