248

زمان العدم حيث فرض زوال الوجود وانقطاع استمرار الذات ، وفرض عود الوجود والذات ينفرض هناك اثنينية ، إذ العود لا يكون إلا أن يكون هناك اثنينية ، فإن معناه عود الموجود الأول أو الوجود الأول بعد انعدامه وحصوله مرة اخرى أو في زمان آخر وحيث ينفرض اثنينيته فينفرض هناك ذات وذات ، وحيث كان المفروض مع ذلك كون الذات الثاني عين الذات الأول بعينه ، وكون كل منها واقعا في زمان واحد الزمانين سابقا على الآخر بالذات ، فيلزم أن يكون العدم المتخلل بينهما وكذا زمانه سابقا على شيء ومسبوقا بذلك الشيء بعينه ، وأن يكون ذلك الشيء سابقا على نفسه كما ذكرنا سابقية ومسبوقية من حيث الذات ، وإن كانتا تعرضان للذات بواسطة عروضهما للزمان ، وللزمان بالذات ، وأما في صورة تخلل زمان الوجود بين زماني وجوده بعينه ، فحيث كان استمرار الذات واستمرار الوجود باقيين بحالهما فلا ينفرض هناك اثنينية من حيث الذات ، فلا يكون هناك ذات وذات ، فلو كانت هناك سابقية ومسبوقية لم تكونا من حيث الذات ، بل من حيث الاعتبار ، بمعنى أن الذات باعتبار ما سابق وبالاعتبار الآخر مسبوق ، بل بمعنى أن تلك السابقية والمسبوقية إنما تعرضان في الحقيقة لذينك الاعتبارين أنفسهما ، لا للذات من حيث هي ، وإن كان عروضهما للاعتبارين أيضا بواسطة الزمان.

فالمحصل أنه يلزم حينئذ أن يكون أحد اعتباري تلك الذات وإحدى حيثياته سابقا على الاعتبار الآخر والحيثية الاخرى ، وكذا أن يكون أحد اعتباراته وإحدى حيثياته سابقا على بعض اعتباراته وحيثياته ، ومسبوقا ببعض آخر من اعتباراته وحيثياته ، فلا سابقية ولا مسبوقية تعرضان للذات ، من حيث هي.

ثم إنه حيث كانت تلك الاعتبارات والحيثيات متغايرة ، ليس واحد منها عين الآخر ، فلا يلزم من سابقيتها ومسبوقيتها سبق شيء على نفسه ، ولا أن يكون شيء واحد سابقا على شيء ومسبوقا به بعينه ، فتبصر.

وحيث عرفت ما ذكرنا في تحرير هذا الدليل الذي ذكره المحقق الطوسي وفي دفع اعتراضات الشارح القوشجي عنه ، ظهر لك تمامية الدليل وعدم ورود شيء عليه.

وقد ذكر المحقق الدواني أيضا في الحاشية عليه كلاما في مقام الجواب عن تلك الاعتراضات ، لا بأس بنقله مع بيانه ، عسى أن يكون ذلك موجبا لزيادة إيضاح المقام.

Page 297