نهمتَه وهِمَّتَه إلى المشروع، فإنه تَعْظُم محبتُه له ونفعُه به، ويتم دينُه ويكمل إسلامُه.
ولهذا تجد من أكثر من سَماع القصائد لأجل صلاح قلبه، تنقصُ رغبتُه في سماع القرآن، حتى ربما كَرِهَه. ومن أكثر من السَّفَر إلى المشاهد ونحوها لا يبقى لحجِّ البيتِ في قلبه من المحبَّة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعتْهُ السنةُ. ومَن أدمن على أخذ الحكمة والأدب من كلام حكماء فارسَ والروم، لا يبقى لحكمة الإسلام في قلبه ذاك الموقع. ومَن أدْمَن قصص الملوك، لا يبقى لقصص الأنبياء عنده موقع، وهذا كثير يجده الإنسان من نفسه حِسًّا وذَوْقًا، ولهذا قال ﷺ: "ما ابتدعَ قومٌ بدعةً إلا نَزَعَ اللهُ عَنْهم من السُّنةِ مثْلَها" رواه أحمد (^١).
ولقد عظَّمت الشريعةُ النكيرَ على من أحدَث بدعةً؛ لما فيها من فساد الدين ونقص تعظيمه في القلوب.
الوجه الخامس: أن مشابهتهم فيه سرورٌ لهم بما هم عليه من الباطل، خصوصًا إذا كانوا مقهورين تحت الجِزْية والصَّغار، فإذا رأوا المسلمين قد صاروا فَرْعًا لهم في خصائص دينهم، أوجبَ ذلك قوَّةَ قلوبهم وانشراحَ صدورهم، وربما أَطْمَعَهم ذلك [في] انتهاز الفُرَص، واستذلال الضعفاء، وهذا أمرٌ محسوس يجده كلُّ أحدٍ، فكيف يجتمع ما يوجبُ إكرامهم بلا موجب مع شرع الصَّغار في حقِّهم؟!