Manhaj Fi Fikr Carabi Mucasir
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
Genres
11
مما ضيق أفق التحرك لدى هذا التيار، وقدرته على استثمار الطاقات الفاعلة في الأمة.
ومما زاد من أزمته وعمقها عجزه عن «صياغة وعي الأمة في قالب نظري مطابق لتاريخها، فاضطرت إلى إيجاد عوامل موضوعية تكون أساسا للوحدة»،
12
من الوحدة الجغرافية، والتكامل الاقتصادي، بالإضافة إلى اللغة والتاريخ والجنس. فبعد إلغاء الأمة، وفصل التراث عن الحداثة، والإسلام عن العروبة، والأمة عن تاريخها، ولم «يعد التراث طريقهم إلى الحداثة، كما لم يعد المجتمع [الأمة] قاعدة للشعور القومي وانتهوا إلى فصل القومية العربية عن الأمة ومجتمعها فصار الفكر القومي دون مرجعية ينطلق منها، وينتظم على أساسها ويتخبط عشوائيا ويتأرجح بين مواقف متناقضة.»
13
فعندما تغيب الرؤية تسيطر الأيديولوجية وتتلاشى الأهداف السياسية والقضايا الكبرى، وهكذا رأينا «النخبة السياسية العربية تجر الأمة مرة بعد أخرى إلى حروب ومعارك لا تأخذ بعين الاعتبار الطاقات الحقيقة للأمة وظروفها الموضوعية، فتنتهي إلى هزائم أخرى.»
14
وقد كان «الفشل الذي مني به الاتجاه القومي العربي إزاء تحقيق أهدافه في توحيد الأمة وتحرير فلسطين، وتنمية الطاقات الاقتصادية، وإفساح المجال لحرية للمواطن؛ لا يعود إلى نوايا سيئة، كما أنه لا يقتصر على مسائل تتعلق بالممارسة؛ بل هو يعود بالدرجة الأولى إلى الفقر النظري. فشل هذا في بلورة شمولية تستند إلى تاريخ الأمة وسيرورتها وحاضرها، فجاءت ممارستها دون توقعاتها، وأحيانا متناقضة مع شعاراتها. فشل هذا التيار في قيادة الأمة؛ لأنه لم يعرف الأمة معرفة حقة. إن أحد معالم هذا الفشل هو الانفصال في الوعي بين القومية والأمة فلم تعد القومية تعبيرا عن الأمة، بل صارت تعبيرا عن نزوات أصحاب الشعارات الذين لم يكن لديهم إطار نظري ينظم أفكارهم وأفعالهم، فجاءت عشوائية دون مرجعية تضبطها وتضع لها الإطار لحركتها.»
15
Unknown page