[25] وكذلك إذا أدرك البصر توريد الورد في بعض البساتين فإنه يدرك في الحال أن ذلك المبصر هو الورد للون الذي يخص الورد مع كونه في البستان، من قبل إدراكه لاستدارة أوراقه وتراصف الأوراق بعضها على بعض، وقبل إدراك جميع المعاني التي تتقوم منها صورة الورد. وإن كان يشبه الورد غيره من الأنوار فإنه يدرك على كل حال أنه نور، لا من ورق الشجر والنبات. وليس كذلك إذا أدرك البصر خضرة الريحان في البستان، فإن البصر إذا أدرك من الريحان خضرته فقط مع كونه في البستان فليس يدرك من إدراك الخضرة فقط أنه ريحان، لأن أكثر النبات أخضر، ومع ذلك فإن كثيرا من النبات يشبه الريحان في الخضرة والشكل، كالنمام وأمثاله من النبات. فإن لم يدرك من الريحان شكل أوراقه وتكاثفها والمعنى الذي يتخصص به الريحان فليس يدرك أنه ر يحان. وليس الزمان الذي يدرك فيه البصر أشكال أوراق الريحان والمعاني التي يتخصص بها الريحان، مع إدراك خضرته، كالزمان الذي يدرك فيه من الورد توريده فقط. وكذلك جميع الأنواع المشتبهة، ليس يدرك البصر مائيتها إلا بفضل تأمل، والمبصرات القليلة الشبه يدرك البصر مائيتها باليسير من التأمل. وكذلك الأشخاص، فإن الشخص الذي يعرفه البصر ولا يشبهه غيره من الأشخاص التي يعرفها البصر يكون إدراك البصر له باليسير من التأمل وبالأمارات، والشخص الذي يعرفه البصر ويشبهه غيره من الأشخاص التي يعرفها البصر يكون إدراك البصر له بفضل تأمل.
[26] فجميع المبصرات المألوفة يدرك البصر نوعياتها وشخصياتها باليسير من التأمل مع تقدم المعرفة، ويكون إدراكها في أكثر الأحوال في زمان غير محسوس، ومختلف مع ذلك أزمان إدراكها بحسب اختلاف أنواعها واختلاف أشخاصها، ويكون إدراك نوعية الشخص أسرع من إدراك شخصيته، ويكون إدراك نوعية ما يقل شبهه من الأنواع أسرع من إدراك نوعية ما يكثر شبهه، ويكون إدراك شخصية الشخص القليل الشبه أسرع من إدراك شخصية الشخص الكثير الشبه.
Page 333