266

Kitab al-Manazir

كتاب المناظر

Genres

[18] وإذ قد تبينت جميع هذه المعاني فإنا نقول إن إدراك المبصرات بالتأمل يكون على وجهين: إدراكا بمجرد التأمل وإدراكا بالتأمل مع تقدم المعرفة. أما الإدراك الذي بمجرد التأمل فهو إدراك المبصرات الغريبة التي لم يميزها البصر من قبل، والمبصرات التي أدركها البصر من قبل وليس هو ذاكرا لمشاهدتها. فإن البصر إذا أدرك مبصرا من المبصرات ولم يكن رأى ذلك المبصر من قبل ذلك الوقت ولم يكن رأى مبصرا من نوعه، وأراد الناظر أن يتحقق صورة ذلك المبصر، فإنه يتأمله ويستقريء بالتأمل جميع المعاني التي فيه فيدرك بالتأمل صورته الحقيقية التي تدرك البصر . فإذا لم يكن رأى ذلك المبصر من قبل ذلك الوقت ولم ير شيئا من نوعه فإنه عند إدراك صورته ليس يعرف صورته، فهو يقتني بالتأمل صورته التي تخصه ويدرك من صورته حقيقته، ولا يكون مع ذلك قد عرفه، فيكون تحققه لصورة ما هذه صفته من المبصرات إنما هو بمجرد التأمل فقط. وكذلك إذا أدرك البصر مبصرا من المبصرات وكان قد شاهد ذلك المبصر من قبل ولم يكن ذاكرا لمشاهدته فإنه عند تأمله إذا لم يكن ذاكرا لصورته الأولة فليس يعرف صورته في الحال الثانية فيكون إدراكه للمبصر الذي بهذه الصفة بمجرد التأمل.

Page 327