[233] فأما إدراك البصر للتشابه فإن التشابه هو تساوي الصورتين أو المعنيين في المعنى الذي يتشابهان فيه. والبصر يدرك الصور والمعاني التي في الصور على ما هي عليه. فإذا أدرك البصر صورتين متشابهتين معا أو معنيين متشابهين فهو يدرك تشابههما من إدراكه لكل واحدة من الصورتين أو المعنيين، ومن قياس إحدى الصورتين بالأخرى أو المعنيين أحدهما بالآخر، ومن إدراكه لتساويهما في المعنى الذي فيه يتشابهان. فالبصر يدرك التشابه في الصور المتشابة وفي المعاني المتشابة من إدراكه لكل واحد من الصور والمعاني على ما هي عليه، ومن قياس بعضها ببعض
<إدراك الاختلاف>
[234] فأما الاختلاف فإن البصر يدركه في الصور المختلفة من إدراكه لكل واحدة من الصورتين المختلفتين ومن قياس إحديهما بالأخرى من إدراكه لعدم التساوي في هيئتهما وفي جميع المعاني التي فيهما التي يختلفان فيها، أعني إحساس الحاس بعدم التساوي فيهما. فالاختلاف يدرك بحاسة البصر من إدراك البصر لكل واحدة من الصور والمعاني على انفرادها ومن قياس بعضها ببعض ومن إحساس الحاس بعدم التساوي فيهما.
[235] فقد أتينا على تبيين كيفيات إدراك البصر لكل واحد من المعاني الجزئية التي تدرك بحاسة البصر. وقد تبين من جميع ذلك أن المعاني الجزئية التي تدرك بحاسة البصر منها ما يدرك بمجرد الحس ومنها ما يدرك بالمعرفة ومنها ما يدرك بالقياس والاستدلالات. وهذه هي المعاني التي قصدنا لتبيينها في هذا الفصل.
الفصل الرابع في تمييز إدراك البصر للمبصرات
Page 317