[204] والبعد أيضا قد يفعل الحسن بطريق العرض. وذلك أن الصور المستحسنة منها ما يكون فيها وشوم وغضون ومسام تشين الصورة وتشعث حسنها. فإذا بعدت عن البصر فضل بعد خفيت تلك المعاني الدقيقة التي تشين تلك الصورة، فيظهر عند خفاء تلك المعاني حسن الصورة. وكذلك أيضا كثير من الصور المستحسنة قد تكون فيها معان لطيفة من أجلها كانت الصورحسنة كالنقوش الدقيقة والتخطيط والترتيب. وكثير من هذه المعاني قد تخفى عن البصر من كثيرمن الأبعاد المعتدلة، فإذا قربت من البصر فضل قرب ظهرت تلك المعاني اللطيفة للبصر وظهر حسن الصورة للبصر. فزيادة البعد ونقصان البعد قد يظهر الحسن. فالبعد على انفراده قد يفعل الحسن.
[205] والوضع قد يفعل الحسن، وكثير من المعاني المستحسنة إنما تستحسن من أجل الترتيب والوضع فقط. وذلك أن النقوش كلها إنما تستحسن من أجل الترتيب. والكتابة المستحسنة إنما تستحسن من أجل الترتيب. لأن حسن الخط إنما هومن تقويم أشكال الحروف ومن تأليف بعضها ببعض. فإن لم يكن تأليف الحروف وترتيبها ترتيبا منتظما متناسبا فليس يكون الخط حسنا وإن كانت أشكال حروفه على انفرادها صحيحة مقومة. وقد يستحسن الخط إذا كان تأليفه تأليفا منتظما وإن لم تكن حروفه في غاية التقويم. وكذلك كثير من صور المبصرات إنما تحسن وتروق من أجل تأليف أجزائها وترتيب بعضها عند بعض.
[206] والتجسم يفعل الحسن، ولذلك تستحسن الأجسام الخصبة من أشخاص الناس وأشخاص كثير من الحيوان.
[207] والشكل يفعل الحسن، ولذلك يستحسن الهلال. والصور المستحسنة من أشخاص الناس وأشخاص كثير من الحيوانات والشجر والنبات إنما تستحسن من أجل أشكالها وأشكال أجزاء الصورة.
[208] والعظم يفعل الحسن. ولذلك صار القمر أحسن من كل واحد من الكواكب وصارت الكواكب الكبار أحسن من الكواكب الصغار.
[209] والتفرق يفعل الحسن، ولذلك صارت الكواكب المتفرقة أحسن من اللطخات وأحسن من المجرة. ولذلك أيضا صارت المصابيح والشموع المتفرقة أحسن من النار المتصلة المجتمعة. ولذلك أيضا توجد الأنوار والأزهار المتفرقة في الرياض أحسن من المجتمع منها والمتراص.
Page 309