197

Kitab al-Manazir

كتاب المناظر

Genres

[99] والذي يظهر به ظهورا بينا أن الحاس يدرك السمت الذي عليه ينفعل البصر بصورة المبصر هو ما يدرك بالانعكاس في المرايا. فإن المبصر الذي يدركه البصر بالانعكاس في المرآة إنما يدركه البصر في مقابلته. وليس هو مقابلا له، وإنما صورته تصل إلى البصرعلى سموت الخطوط المستقيمة التي هي خطوط الشعاع الممتدة من البصر في جهة المقابلة. فإذا أحس البصر بالصورة من سموت خطوط الشعاع ظن بالمبصر أنه عند أطراف تلك الخطوط، وأن الصورة إنما وردت على سموت تلك الخطوط لأنها عند أطراف تلك الخطوط. لأنه ليس يدرك شيئا من المبصرات المألوفة التي يدركها دائما إلا عند أطراف الخطوط المتوهمة بين البصر والمبصر التي هي خطوط الشعاع. فمن إدراك البصر للمبصر بالانعكاس في مقابلته وعلى استقامة السموت التي عليها تصل الصور المنعكسة إلى البصر، يظهر أن الحاس يحس بالسمت الذي منه ترد الصورة ومنه ينفعل البصر بالصورة. وإذا أحس الحاس بالسمت الذي منه ينفعل بالصورة، أدركت القوة المميزة الجهة التي يمتد فيها ذلك السمت، وأدركت جهة المبصر. فجهة المبصر يدركها الحاس إدراكا مجملا من إدراكه لوضع البصر في حال الإبصار وتدركها القوة المميزة إدراكا مجملا من إدراكها لوضع البصر في حال الإبصار، وتدركها إدراكا محققا على التحرير من إدراكها للسمت الذي منه ينفعل البصر بصورة المبصر. وبعد المبصر هو معنى قد استقر في النفس. ففي حال حصول صورة المبصر في البصر قد أدركت القوة المميزة جهة المبصر مع استقرار معنى البعد عندها. واجتماع البعد والجهة هو المقابلة. فإذا أدركت القوة المميزة جهة المبصر وبعده معا فقد أدركت مقابلته. فإدراك المقابلة يكون من إدراك جهة المبصر ودراك بعد المبصر معا. وإدراك الجهة يكون على الصفة التي ذكرناها. فإذا حصلت صورة المبصر في البصر أحس الحاس بالموضع من العضو الحاس الذي فيه حصلت الصورة، وأدركت القوة المميزة جهة المبصر من السمت الذي منه تمتد الصورة. ومعنى البعد مستقر عندها. فهي تدرك الجهة وتدرك البعد معا في حال إدراك الحاس للصورة. ففي حال إدراك الحاس للصورة قد أدركت القوة المميزة المقابلة. فعلى هذه الصفة يكون إدراك المقابلة.

Page 257