203

وحكي عن الأشياخ، أنهم قالوا: ( ينبغي للمرء أن يحج حجتين، ويوصي بالثالثة )، فينبغي الامتثال بما قالوه، وأما من توفي، ولم يكن حج، ولم يوص به عمدا، فإن هذا يؤكل ماله، و لا يحج عنه، و لا [كرامة](1)، فإنما ينبغي أن يحج عمن أصاب، وجد المال قبل وفاته، وكان في نيته الحج من عامه ذلك، فأدركه الموت قبل أن يحج، فهذا يستحب أن يحج عنه، والله أعلم.

مسألة:

وفي أثار أصحابنا إن كل من تطوع عن الميت، وأنفذ وصياياه(2) من ماله، دون مال الميت من حج، أو عمرة، أو صدقة، أو غير ذلك فقد أجزاه ذلك عن الميت، والورثة، والخليفة، فإن جعل نواه على أن يأخذ[س/251] الأجرة، فإنه يدركها، فيما بينه وبين الله دون الحكم، والله أعلم وأحكم(3).

الفصل الثاني

في الحج عن الغير من الأحياء والأموات

اعلموا - رحمنا الله وإياكم - أن الأمة قد كثر تنازعها في هذا الفصل، فقال بعضهم: أن الحج، وجميع العبادات البدنية لا تجوز(4) فيها نيابة الغير، وهم فيما أحسب المالكية وذويها(5)، وقال آخرون: تجوز نيابة الغير في جميع ديون الله - تعالى - من الحج والزكاة وغيرها، وروي ذلك عن الشافعي، وأبي ثور، وأحمد بن حنبل، وأصحاب الظاهر، وروي عن الزهري في أداء الزكاة مثله، وقال بعضهم: في الصلاة إذا نذر بها الميت، فمات قبل أن يقضيها، أنه واجب على الولي قضاؤها عنه، قياسا على غيرها من النذر؛ لأن النبي - عليه السلام - «أمر بقضاء النذور عن الميت »(6) ، والله أعلم.

__________

(1) زيادة من "ت" وفي "س" غرامة.

(2) في "ت": فأنفذ وصياته.

(3) سقطت من "ت".

(4) في "ت": يجوز.

(5) في "ت": وقومها.

(6) سبق تخريجه.

Page 113