بسم الله الرحمن الرحيم إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: فإن الفقه في الدين من أجل ما يتقرب به المسلم إلى ربه ﵎، وهو الوسيلة العظمى لتحقيق عبودية الرب جل وعلا، لا سيما ما يتعلق بالأركان الخمسة للإسلام، ودعائمه العظام. ولما كانت أحكام الحج والعمرة من أدق الأحكام، كما قال شيخ الإسلام ﵀: (وعلم المناسك أدق ما في العبادات) (١)، أفرد لها أهل العلم التصانيف في بيان مسائلها وفروعها، وبيان أحكامها ودلائلها، فتنوعت التصانيف فيه ما بين مختصر ومطول، فلم يخلُ مذهب من المذاهب الأربعة إلا ونُظمت فيه أحكام المناسك في مؤلف مستقل. _________ (١) منهاج السنة ٥/ ٤٩٧.

1 / 5

وممن كتب فيه وأفاد، وهو أهل لهذه المسالك والجواد، فارس المنقول والمعقول، الإمام القدوة العلامة شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم ابن تيمية الحراني رحمه الله تعالى (ت ٧٢٨ هـ)، فكتب منسكًا في أوائل عمره، وقلد فيه في الأحكام من كان قبله، قال ﵀ في اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٣٣٩): (وقد ذكر طائفة من المصنفين في المناسك استحباب زيارة مساجد مكة وما حولها، وكنت قد كتبتها في منسك كتبته قبل أن أحج في أول عمري، لبعض الشيوخ، جمعته من كلام العلماء، ثم تبين لنا أن هذا كله من البدع المحدثة التي لا أصل لها في الشريعة) (١). ثم كتب منسكًا آخر في أواخر عمره (٢) -وهو الذي بين أيدينا-، بعد أن اكتملت فيه آلة الاجتهاد، وبلغ من العلم مبلغًا كبيرًا، فكتب فيه ما تبين له من سنة رسول الله ﷺ، مختصرًا مبينًا، ولم يلتزم فيه بمذهبٍ معين، بل ذكر فيه ما ترجح عنده من المسائل، وربما ذكر الخلاف في بعضها وأطلق، حتى تم هذا المنسك بأجمل حلة، وأبهى صورة. وقد طُبع الكتاب قديمًا بالمطبعة العامرة بمصر عام ١٣٢٣ هـ، _________ (١) وقد نقل ابن عبدالهادي في الصارم المنكي من منسك شيخ الإسلام القديم كما في ص (١٧)، ونقل أيضًا من المنسك الجديد كما في ص (٤٥). (٢) ذكر ذلك ابن عبدالهادي في الصارم المنكي ص (٤٥).

1 / 6

ويسر لي المولى جل وعلا الوقوف على أربع نسخٍ خطية، فاستعنت بالله تعالى بمقابلتها وتحقيقها، وإخراجها بهذه الصورة. توثيق اسم الكتاب: يظهر والله أعلم أن شيخ الإسلام ﵀ لم يسم هذا المنسك، وإنما قال في مقدمته: (فقد تكرر السؤال من كثير من المسلمين أن أكتب في بيان مناسك الحج)، ولكن ذكرت تسميته في نسختين من النسخ الخطية -وهي (أ) و(د) - بـ (مناسك الحج). منهج التحقيق: ١ - اعتمدت في تحقيق الكتاب على أربع نسخة خطية يأتي وصفها. ٢ - لم أعتمد نسخة من النسخ على أنها هي الأصل؛ إذ إنها جميعًا متأخرة عن زمن المؤلف، وإنما قمت بالتلفيق بينها، فما كان أقرب للصواب أثبته. ٣ - أثبت جميع الفروق بين النسخ المعتمدة، عدا ما يتعلق بصيغ الترضي والترحم والصلاة والسلام، وكذلك ما يتعلق بالآيات، فتارة تذكر الآية كاملة أو يذكر جزء منها، فلم أشر إلى ذلك. ٤ - قمت بتوثيق الآيات القرآنية، وتخريج الأحاديث والآثار

1 / 7

تخريجًا مختصرًا يتناسب مع المختصر. ٥ - متى أطلق المصنف الخلاف، فقال: (فيه نزاع)، أو (على أصح القولين) ونحو ذلك، بينت الأقوال في الحاشية باختصار، مع العزو للمصادر. ٦ - أشرت إلى المسائل التي خالف فيها المصنف المشهور من مذهب الحنابلة المتأخرين. ٧ - شرحت الكلمات التي تحتاج إلى شرح من مصادرها المعتمدة. وصف النسخ المعتمدة اعتمدت في تحقيق الكتاب على أربع نسخ خطية: النسخة الأولى: نسخة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين عدد أوراقها (١٠) ورقات، عدد أسطرها (٢٨)، من محفوظات دارة الملك عبدالعزيز برقم (آل عبداللطيف/١٥)، مصححة، وناسخها هو الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين ﵀، وتاريخ نسخها ١٢١٤ هـ. ورمزت لها بـ (أ).

1 / 8

النسخة الثانية: إدارة المخطوطات في وزارة الأوقاف الكويتية عدد أوراقها (٢٤) ورقة، وعدد أسطرها (٢٠)، مصححة ومقابلة، ورقم حفظها (٧/ ٣٣٤)، وعليها بعض الحواشي، فيها سقط يسير من أولها، وعليها قيد تملك لإبراهيم بن صالح بن إبراهيم بن عيسى وغيره، نسخت عام ١٢٧٥ هـ. ورمزت لها بـ (ب). النسخة الثالثة: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عدد أوراقها (٤٥) ورقة، وعدد أسطرها (١٥)، مصورة من دشت روضة خيري بمصر، وناسخها محمد المكي بن عزوز، وتاريخ النسخ عام ١٣٢٧ هـ. رقم حفظها (١٦٧٩). ورمزت لها بـ (ج). النسخة الرابعة: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عدد أوراقها (٣٨) ورقة، وعدد أسطرها (١٧)، رقم حفظها (٤/ ٨٧٨٢)، وناسخها عبدالله بن محمد دليقان، وتاريخ النسخ عام ١٣٢٢ هـ. وعليها تملك لمحمد السعيد ابن عبدان سنة ١٣٣٥ هـ.

1 / 9