125

Manar Al-Qari Commentary on the Abridged Sahih Al-Bukhari

منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري

Publisher

مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد

Publisher Location

الطائف - المملكة العربية السعودية

Genres

يُكَفِّرُ اللهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَان بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمثَالِهَا إلى سَبْعِمَائَةِ ضِعْفٍ، والسَّيِّئةُ بِمِثْلِهَا إلَّا أن يَتَجَاوَزَ اللهُ عَنْهَا".
ــ
معنى الحديث: يحدثنا أبو سعيد رضي الله " أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: " إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها " أي إذا أسلم العبد إسلامًا حقيقيًا بقلبه ولسانه، وباطنه وظاهره، فإنّ الله تعالى يمحو عنه كل معصية سبق له ارتكابها قبل إسلامه. " وكان بعد ذلك القصاص " أي ثم يعامل بعد إسلامه بمقابلة كل عمل من أعماله بمثله، خيرًا كان أو شرًا، فيجازى على الحسنة بالمثوبة، وعلى السيئة بالعقوبة، مع اختلاف مقدار العقوبة في السيئات عن مقدار المثوبة في الحسنات، وهو معنى قوله " الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف " أي فيثاب على الحسنة بعشر أضعافها (١) - وقد تتضاعف المثوبة إلى سبعمائة ضعف كما قال تعالى في ثواب الصدقة: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل، في كل سنبلة مائة حبة، والله يضاعف لمن يشاء) وقد يثاب على الحسنة بغير حساب كما في قوله تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " والسيئة بمثلها، إلا أن يتجاوز الله عنها " أي ولا يجازي على السيئة إلاّ بمثلها، وقد يعفو الله عنها بفضله وكرمه، ومنّه وإحسانه، فلا يعاقب عليها فاعِلَها.
ويستفاد من الحديث ما يأتي: أولًا: أن الإِسلام الحقيقي يهدم ما قبله من المعاصي صغائر أو كبائر، لقوله ﷺ "إذا أسلم العبد فحسن اسلامه يكفر الله عنه كل سيئة كان قد زلفها" وهو مصداق قوله تعالى: (قل

(١) وهذا هو أقل ثواب الحسنة، وقد يثاب عليها بغير حساب.

1 / 126