ﷺ رَجُلًا هُوَ أعْجَبُهْم إليَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَان؟ فَوَاللهِ إنِّى لأرَاهُ مُؤْمِنًَا، فَقَالَ: " أوْ مُسْلِمًَا " فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي
ــ
قديمًا وهو ابن أربع عشرة سنة، وقال ﵁: إني لثالث الإِسلام، هاجر إلى المدينة قبله ﷺ وشهد المشاهد كلها، وكان مجاب الدعوة لقوله ﷺ اللهم استجب لسعد إذا دعاك، فكان لا يدعو إلاّ استجيب له كما في حديث الترمذي، وهو فارس الإِسلام وأوّل من رمى بسهم في سبيل الله، وكان رئيس القادة في فتح العراق، فتح المدائن وبني مدينة الكوفة، وصار واليًا عليها في عهد عمر وعثمان وروى عن النبي ﷺ (٢٧٠) حديثًا اتفقا منها على خمسة عشر وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بثمانية عشر. مات بقصره في العقيق سنة سبع وخمسين هـ وهو يومئذ والي المدينة ودفن (١) بالبقيع.
معنى الحديث: يحدثنا سعد بن أبي وقاص ﵁ " أن رسول الله ﷺ أعطى رهطًا " أي الجماعة من المؤلفة قلوبهم، والرهط من ثلاثة إلى عشرة " وسعد جالس فترك رجلًا هو أعجبهم إليّ " أي أفضلهم عندي إيمانًا وصلاحًا، " فقلت: يا رسول الله: ما لك عن فلان "؟ أي أي شيء منعك عن إعطائه " فوالله إني لأراه مؤمنًا " أي فإني أعتقد إيمانه، وأقطع به، وأقسم عليه " فقال: أوْ مسلمًا " بسكون الواو، أي لا تسرع بالحكم عليه بالإِيمان، ولا تقطع له أو لغيره به، لأن الإِيمان أمر غيبي قلبي، ولا يلزم من إسلامه في الظاهر إيمانه في الباطن فقد يكون مسلمًا على غير الحقيقة، ناطقًا بالشهادتين، منقادًا لشعائر الإِسلام خوفًا من سلطة المسلمين، وهو في الباطن كافر منكر لعقائد الإِسلام، فلا يكون مؤمنًا، ولكنا نسميه مسلمًا، ونحكم بإسلامه باعتبار ظاهره، وقد أُمِرْنا أن نحكم بالظاهر. فحسبك يا
(١) شرح العيني على البخاري، ج ١.