فصل في هجرته ع
كان النبي ص يعرض نفسه على قبائل العرب في الموسم فلقي رهطا من الخزرج فقال ألا تجلسون أحدثكم قالوا بلى فجلسوا إليه فدعاهم إلى الله وتلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض يا قوم تعلموا والله إنه النبي الذي كان يوعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه أحد فأجابوه وقالوا له إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر مثل ما بينهم وعسى أن يجمع الله بينهم بك فتقدم عليهم وتدعوهم إلى أمرك وكانوا ستة نفر قال فلما قدموا المدينة فأخبروا قومهم بالخبر فما دار حول إلا وفيها حديث رسول الله حتى إذا كان العام المقبل أتى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا فلقوا النبي ص فبايعوه على بيعة النساء أن لا يشركوا بالله شيئا ولا يسرقوا إلى آخرها ثم انصرفوا وبعث معها مصعب بن عمير يصلي بهم وكان بينهم بالمدينة يسمى المقرئ فلم تبق دار في المدينة إلا وفيها رجال ونساء مسلمون إلا دار أمية وحطيمة ووائل وهم من الأوس ثم عاد مصعب إلى مكة وخرج من خرج من الأنصار إلى الموسم مع حجاج قومهم فاجتمعوا في الشعب عند العقبة ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان في أيام التشريق بالليل فقال ص أبايعكم على الإسلام فقال له بعضهم نريد أن تعرفنا يا رسول الله ما لله علينا وما لك علينا وما لنا على الله قال أما لله عليكم فأن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأما ما لي عليكم فتنصرونني مثل نسائكم وأبنائكم وأن تصبروا على عض السيف وإن يقتل خياركم قالوا فإذا فعلنا ذلك ما لنا على الله قال أما في الدنيا فالظهور على من عاداكم وفي الآخرة الرضوان والجنة فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال والذي بعثك بالحق لنمنعك بما نمنع به أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلفة ورثناها كبارا عن كبار فقال أبو الهيثم إن بيننا وبين الرجال حبالا وإنا إن قطعناها أو قطعوها فهل عسيت إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا فتبسم رسول الله ثم قال بل الدم الدم والهدم الهدم أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم ثم قال أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا فاختاروا
Page 181