330

البحث الرابع

في التكليف

وهو عبارة عن بعث من يجب طاعته على ما فيه مشقة على جهة الابتداء بشرط الإعلام ، فإن إرادة (1) الوالد الواجب الطاعة الصلاة من الولد ليس تكليفا ، لسبق إرادة الله تعالى ، وهو حسن لأنه فعله تعالى ، ووجه حسنه التعريض للثواب الذي لا يمكن الابتداء به ، وانما لم يمكن الابتداء بالثواب لأنه يتضمن التعظيم وهو لا يحسن الابتداء به.

فإن قيل : لا نسلم أن التفضل بالتعظيم قبيح ممن يستحيل عليه النفع والضرر.

سلمنا لكن استحقاق التعظيم لا يتوقف على الأفعال الشاقة ، فإن التلفظ بالشهادة أسهل من الجهاد مع أن النفع المستحق به أعظم ، ولأن التكليف دائر بين كونه مؤديا الى النفع والى الضرر وجلب النفع ليس بضروري ودفع الضرر ضروري فدفع الضرر آكد من جلب النفع ، لكن بحصول التكليف يحصل النفع والضرر وبعدم التكليف يندفع الضرر ويفوت (2) النفع ، وكلما كان كذلك كان قبيحا.

ولأن الكل بخلقه وإرادته فلا تكليف ، ولأن معلوم الوجود واجب ومعلوم العدم ممتنع فلا تكليف ، ولأن الداعيين إن استويا فلا ترجيح فلا إمكان فلا تكليف ، وان وجب أحد الطرفين فلا تكليف.

Page 379