أما الأول فقد اختلف الناس في تعلق العلم به ، والحق أنه يصح تعلق العلم به ، لأن الوجود المطلق معلوم فعدمه يكون هو العدم المطلق ويكون متميزا باعتبار ملكته وهو مطلق الوجود ، ونقل عن بعض الأوائل المنع.
وأما الثاني فانه يعلم أيضا متميزا عن غيره باعتبار تميز ملكته عن ملكة الغير ، وأما المعدوم فانه ذات اتصفت بالعدم ويصح تعلق العلم بها للامتياز عن غيره عند وجوده ، فان الباري تعالى إذا علم سوادا يوجده استحال أن يقال بثبوت السواد وأن السواد ليس بمتميز اصلا عن البياض والا لم يتعلق العلم به والإرادة ، والتميز حال عدم السواد إما أن يكون باعتبار حصول صفة له حال العدم وهو قول بثبوت المعدوم ، وإما أن يكون باعتبار حصول صفة له متجددة وهو المطلوب ، على أن هذا القول عند استقصاء النظر لا يخلو من بحث.
** تذنيب
تعالى ليس بانفعالي بل إما فعلي وإما غيرهما كعلمه بذاته ، واستدلوا على أنه تعالى عالم بأنه مجرد وكل مجرد عالم ، والصغرى ستأتي ، والكبرى مضى البحث فيها والاعتراض عليها .
وقالوا : أيضا إنه تعالى عالم بذاته وذاته علة للأشياء والعلم بالعلة يستلزم العلم بالمعلول فيكون عالما بالكل.
ونحن قد بينا قبح مقدماتهم.
وأبو هاشم ذهب الى أنه تعالى عالم بمعنى أنه على حال يصح عليها تبينه للأشياء ، وسيأتي الكلام عليه.
Page 273