قال: دعاني إلى ذلك سياق الكلام، فما أقول شيئا عنه بعد هذا، إنما أذكرك بأمر زواجه بسعدى ابنة غانم.
قالت: تكلم ... هل أنت مبارك هذا الزواج؟
قال: أباركه، وإنما الرأي إلى فؤاد، وهو يكره عائلة غانم من كبيرها إلى صغيرها، ويمقت على الأخص ابنته سعدى.
قالت: إذن قد ضاع تعبنا سدى، وخابت مساعينا، فقد كان فؤاد في الواقع كارها مصاهرة هذه العائلة، فانقاد من حين قريب إلى الرأي الذي عرضته عليه، فلم أعلم كيف اختلف الآن وعاد إلى نفوره الأول.
قال: كنت عزمت أن لا أنقل إليك حديثه لئلا تتكدري، ولكني رأيت من اللازم أن أخبرك به لتكوني على بصيرة من أمره، فقد جرى الكلام بيني وبينه أمس، فسمعته يقول على سعدى: إنها قبيحة الشكل، قليلة العقل، ثقيلة الروح، لا يجد في نفسه ميلا إليها، وأسهب في ذمها وعيبها، وبلغ النهاية في التشنيع.
قالت: أخاف إذن أن يكون قد قابل غانما وسعيدا ابنه بكل برود.
قال: وأي برود! فقد التزم السكون فلم يكلم أحدا، وكثيرا ما أومأت إليه بيدي وبعيني ليتكلم، فلم يفعل حتى خجلت والله، وتكدرت كدرا فائقا، وحدثت نفسي أن أعنفه، ولكنني ملكت ثورة الغضب، وجئت لزيارتك ومقابلته لأوبخه على تصرفه وقلة إيناسه وتجمله بحضرة الضيوف.
قالت: بل الأوفق أن تعاتبه بلطف وتجاريه على أفكاره وإلا أفلت من يدنا.
قال: إذن خاطبيه بنفسك في هذا الأمر، فإنني لا أضمن أن أملك نفسي من الحدة.
قالت: لا بأس فأنا أكلمه، ولا أخفي عليك أني صرت أخشى عدم نجاح مساعينا في زواجه بسعدى، وليته كان عاقلا ليعلم أن الفائدة العظمى عائدة عليه، فإن سعدى غنية جدا، ورثت من أمها شيئا كثيرا، دخلها سنويا فوق ألف جنيه فضلا عن ميراثها من أبيها.
Unknown page