197

لير :

ماذا! أأنت مجنون؟! إن في استطاعة الإنسان أن يرى كيف تسير هذه الدنيا بغير عيون. انظر بأذنيك؟ انظر ذلك القاضي كيف يؤنب ذلك اللص المسكين. أنصت ! أريد أن أسر إليك شيئا بدل مكانهما، والعب بهما لعبة «الجديد»، وقل أيهما القاضي وأيهما اللص؟ هل رأيت كلبا من كلاب المزارع ينبح سائلا؟

غلوستر :

أجل يا مولاي.

لير :

ورأيت كيف يفر الإنسان من الحيوان؟ ألا إن لك في ذلك صورة بالغة تمثل لك السلطة على حقيقتها. هي كلب له الطاعة ما دام مملكا. إنهم يقتلون السارق على أنك قد تجد من أصدر الحكم عليه مرابيا؛ إلا أن الثوب الخلق ليكشف أهون الهنات. أما الرداء والطيلسان ذو الفراء فيستران كل شيء، كفت الخطية بصفائح الذهب تتكسر دونها نصال رمح العدالة، ودرعها بأسمال بالية تمزقها وتخترقها أصغر عصافة. ليس في الوجود مجرم. أقول لك ليس فيه، سأطلق سراحهم جميعا، خذ عني ذلك أيها الصديق، عني أنا الذي أملك أن أرتق فم الذي يقيم الدعوى وأخرسه، هيئ لمحجريك زجاجتين، وتظاهر كما يتظاهر السياسي الحقير أنك تبصر ما لا ترى. والآن، والآن اخلع حذائي. شد، شد. هكذا.

إدغار (لنفسه) :

الرشد والخبل في قراب. كم ذا في الجنون من صواب!

لير :

إذا شئت أن تبكي سوء حظي فخذ عيني. إني أعرفك حق المعرفة؛ اسمك غلوستر، عليك بالصبر، واذكر أننا لم ندخل هذه الدنيا إلا والدموع تسبقنا، فما نجهل أننا حين شممنا ريحها لأول مرة بكينا وأعولنا. سأزكيك بعظة أنصت.

Unknown page