Malak Fi Manfa Cumr

Salah Hilal d. 1450 AH
42

Malak Fi Manfa Cumr

ملك في منفى العمر

Genres

منذ فترة لم يعد قادرا على إدراك الفرق بين الواقع وما يراه في التليفزيون. كان يسأل كيف يمكن أن تظهر هناك - حيث ينظر - غرفة لا يعرفها، وبعدها بلحظة تظهر سيارة؟! «من أين أتت السيارة؟»

وصل الأمر إلى ذروته عندما نهض ذات مرة من فوق الأريكة حاملا كعك عيد الميلاد ليقدم منه لمذيع الأخبار في التليفزيون. وعندما لم يستجب المذيع لدعوة أبي، أخذ قطعة وقربها من فمه في التليفزيون واقترح عليه أن يجربها. تضايق أبي لما أبداه المذيع من تصرف غير لائق، وأصابنا المشهد بصدمة، بالرغم مما فيه من فكاهة. كان الأمر مرعبا.

في الواقع، كان المرض يؤدي إلى ظهور أعراض غريبة عليه، عادة ما كانت تستمر لفترات قصيرة، وعادة كانت تدل على أن أبي لا يشعر بأنه في حال جيدة، ولكن حالته كانت تتحسن بصورة سريعة جدا تبعا لدرجة الرعاية التي يتلقاها.

كان أبي يشعر بارتياح وانسجام كبيرين مع بعض المشرفات، في حين كانت أخريات يفشلن في إعطائه الإحساس بالرعاية والاهتمام؛ لذلك كان معهن مشوشا وخائفا ومتوترا ويشعر بأنه في مشكلة حقيقية.

صرخ أبي يوما: «يوجد إطلاق نيران، يجب أن نختبئ! السويسريون يطلقون النار مجددا.» •••

تصاعدت سحابة دخان رمادية مشربة بلون بني فاتح من بيت جدي؛ إذ كان عمي روبيرت يحضر العرق، وكان عمي إيريش قد خرج فيما بعد الظهيرة ومعه دلو وجاروف صغير ماشيا عبر الحقل إلى أعلى التل لتقليم أشجار البلوط الصغيرة التي لا تتوقف عن النمو. وأصبح الدخان المتصاعد من الفرن شبه شفاف، ربما يكون العرق في آخر مراحل النضج. رأيت من غرفة مكتبي شجرة الجوز وهي تتوارى وتختفي خلف الدخان.

كان يوما باردا وسحبه خفيفة. خلف بيتي بحث سرب من العصافير عن طعام بين أشجار التوت.

عندما رن جرس هاتفي المحمول كنت أعمل منذ ساعة على وضع تصور لرواية «كل شيء عن سالي»، وأشرب قهوة من فنجان قديم جزء منه مكسور، وكانت المتصلة ماريا، إحدى المشرفات على رعاية أبي. حاولت أن تقنع أبي بالاستحمام ولكنه رفض وحبس نفسه في الحمام عندما خرجت للحظة، ورفض الخروج.

صعدت إليهما في الطابق العلوي لعلاج المشكلة. وبعد إلحاحي في الرجاء فتح أبي الباب. كان يجلس على مقعد الحمام مرتديا بنطالا طويلا وفانلة بيضاء دون أكمام، وجلده متدل عند أعلى ذراعيه بعد أن أنهكه توتر الموقف. كان متوشحا باثنتين من فوط الاستحمام وكأنه محارب قديم، وفي إحدى يديه أمسك بفرشاة ظهر طويلة ممدودة للأمام، وفي الأخرى مبرد الأظافر شاهرا إياه كسلاح له. كان يبدو فعلا مثل ملك، بصولجانه وسيفه، ولكن وجهه كان يحمل خاتم الجنون.

سألته إذا كان يريد مشاهدة التليفزيون معي.

Unknown page