152

Majmucat Rasail

مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى

Publisher

دار ثقيف للنشر والتأليف

Edition Number

الطبعة الأولى

Publication Year

١٣٩٨هـ

Publisher Location

الطائف

Genres

Fatwas
في هذا وإنما الكلام في التوسل بنفس الذات وأما قولهم: في حديث العباس فطفق الناس يتمسحون به فلم نقف لها على أصل ولا رأيناها في شيء من الكتب وعلى تقدير ثبوتها فليس فيها حجة على التوسل بالأموات.
فصل: في قوله إن سلمنا هذا القول وظهر دليله فالجاهل معذور لأنه لم يدر ما الشرك والكفر ومن مات قبل البيان فليس بكافر ... (فصل) وأما قوله إن سلمنا هذا القول وظهر دليله فالجهل معذور لأنه لم يدر ما الشرك والكفر، ومن مات قبل البيان فليس بكافر، وحكمه حكم المسلمين في الدنيا والآخرةن لأن قصة ذات أنواط وبني إسرائيل حين جاوزوا البحر تدل على ذلك إلى آخره. فالجواب أن يقال: أن الله تعالى: ﴿لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ . وقد أجمع العلماء على أنه من بلغه دعوة الرسول ﷺ أن حجة الله قائمة عليه، ومعلوم بالإضرار من الدين أن الله بعث محمدًا ﷺ وأنزل عليه الكتاب ليعبد وحده لا يشرك معه غيره، فلا يدعى إلا هو ولا يذبح إلا له، ولا ينذر إلا له، ولا يتوكل إلا عليه ولا يخاف خوف السر إلا منه، والقرآن مملوء من هذا قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ وقال: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ وقال: ﴿وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ﴾ وقال: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ وقال: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ وقال: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ وقال: ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ وقال: ﴿وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ وقال: ﴿وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ والآيات الواردة في هذا المعنى كثيرة. والله تعالى لا يعذب خلقه إلا بعد الاعذار فأرسل رسله وأنزل كتبه لئلا ويقولوا: ﴿لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وقال: ﴿وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى﴾ . وكل من بلغه القرآن فليس بمعذور، فإن الأصول الكبار التي هي أصل دين الإسلام قد بينها الله تعالى في كتابه، وأوضحها وأقام حجته، على عباده، وليس المراد بقيام الحجة أن يفهمها الإنسان فهمًا جليًا كما يفهمها من هداه الله ووفقه، وانقاد لأمره، فإن الكفار قد قامت عليهم الحجة من الله تعالى مع إخباره بأنه جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوا كلامه: فقال: ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ﴾ وقال: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً﴾ وقال تعالى: ﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ .. والآيات في هذا المعنى كثيرة يخبر سبحانه أنهم لم يفهموا القرآن ولم يفقهوه وأنه عاقبهم بالأكنة على قلوبهم والوقر في آذانهم

1 / 164