وفي "معجم الطبراني" من حديث الأوزاعي، حدثني أسيد بن عبد الرحمن، حدثني صالح بن جبير، حدثني أبو جمعة ﵁ قال: تغدينا مع رسول اللَّه ﷺ ومعنا أبو عبيدة بن الجراح ﵁ فقلنا: يا رسول اللَّه أحد خير منا، أسلمنا معك وجاهدنا معك؟
قال: "نَعَمْ، قَوْمٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي" (١).
وصالح بن جبير وثقه ابن معين وغيره، وقد رواه عنه أيضا معاوية بن صالح ولفظه: قلنا: يا رسول اللَّه هل من قوم أعظم منا أجرًا. . . وذكر بقيته كما تقدم.
وفي حديث لأبي ثعلبة الخشني ﵁ أن رسول اللَّه ﷺ قال: "فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أيَّامَ الصَّبْرِ، لِلْعَامِلِ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا".
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟
قَالَ: "لَا بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْكُمْ".
رواه أبو داود والترمذي، وإسناده حسن (٢).
وروى الترمذي أيضًا من حديث حماد بن يحيى الأبح، عن ثابت البناني، عن أنس ﵁ قال: قال رسول اللَّه ﷺ: "أُمَّتِي كَالْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَوْ آخِرُهُ" (٣).
وحماد بن يحيى وثقه ابن معين.
قلنا: ذهب بعضهم إلى أنه لا يلزم من تفضيل مجموع القرن الأول على من بعده تفضيل كل فرد فرد من القرن الأول على كل فرد فرد ممن بعدهم، ورأوا أن في آخر الزمان من يكون أفضل من بعض آحاد الصحابة ﵃، وهذا اختيار ابن عبد البر والقرطبي للجمع بين هذه الاْحاديث، واستثنى ابن عبد البر أهل بدر والحديبية للتنصيص على فضلهم على كل هذه الأمة.
والحق الذي ذهب إليه الأكثرون أن فضيلة صحبة النبي ﷺ والفوز برؤيته لا